أواظب يوميا على قراءة بعض الصحف المحلية والعربية ومتابعة بعض المواقع الإخبارية، أشد ما استوقفني في عناوينها الكبرى، حجم الخيبات التي طالت وما زالت تطال الوطن والأمة العربية والإسلامية، وأكثر ما يؤلمني أن تلك الانتكاسات في تصاعد مستمر، وتزداد تعقيدا مع وجود الملايين ممن يعانون الفقر والحرمان ولا يجدون ما يسد رمق قوتهم اليومي .
في وطني، الحكومات التي تعاقبت، والتي أتت بالتحايل على عدد من النواب وأولئك الفاسدين الذين نهبوا البلاد وسطوا على أحلامنا، واستعرضوا ثرواتهم على مرأى من بؤسنا وشبعوا وانتفخوا وملأوا جيوبهم وأفرغوا جيوب الأردن، وانسحبوا تاركين لنا وطنا مرهونا لدى البنك الدولي، هم من أنهكوا البلد وأثقلوا كاهلها وحملوها وزر تلك الإخفاقات، فلا عجب ولا غرو أن نرى الإنسان المدلل لذاكرة الوطن المرحوم الذي بكاه الناس كفاجعة، الشهيد (وصفي مصطفى التل)، فمنذ موته ونحن يتامى نعاني إفلاسا عاطفيا يفوق إفلاس اقتصادنا، وعجزا وطنيا في المحبة يفوق عجز ميزانيتنا.
أواصل كتابة المقال وقد تجسد الضيق والقلق في معالم وجهي جراء الواقع المرير المليء بالضيق، والغضب، والتشاؤم الذي طال الأغلبية العظمى من الناس، والذي بدوره أوقعهم في بلبلة وحيرة من أمرهم، تارة يتخذون المقاطعة منهاجا ومسارا لحياتهم في سبيل الدفاع عن حقوقهم المسلوبة، وتارة أخرى ينزلهم غضبهم إلى الشوارع التي لا تولد إلا الفوضى والدمار للبلد .
ما زلت في معترك الحديث عن وطني، نحن في مرحلة حرجة مليئة بالتحديات الخارجية والداخلية، بلد موارده شحيحة وحروب تجتاح دول الجوار من كل حدب وصوب وفوضى وعشوائية تعصف بالأداء الحكومي، الذي من المفروض أن يكون أكثر حزما والتزاما بإجراء إصلاحات إدارية تستند إلى معايير الكفاءة والنزاهة، ومحاربة مظاهر الواسطة والمحسوبية حتى تستعيد ثقة الشعب وتتلافى ذلك الغضب العارم الذي يتغلغل في ثنايا أبناء الطبقة الكادحة الذين يكافحون من أجل البقاء وغيرهم ينعم بخيرات الوطن .
أما وقد بلغت علامات الخيبة والقنوط على وجوه الناس، فقد بات لزاما على الحكومة أن ترفع شعار "الأردن قبل كل شيء"، عبر التأسيس لجذب استثمارات للبلد، وتنشيط التنمية الاقتصادية وتوسيع نطاق التجارة والزراعة، والابتعاد عن البذخ والترف، وأن تعلن الحرب على من سطوا على البلد، وبنوا وجاهتهم بإذلال الوطن؛ لبناء دولة قوية آمنة ديمقراطية .