مر عام على رحيل الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل..هذا الكاتب الذي كنت وانا في الصبا احرص على ان لا تفوتني قراءة او سماع مقاله الاسبوعي في» الاهرام» والذي كان في زاوية «بصراحة».. وكانت تذيعه اذاعة «صوت العرب» من القاهرة مساء كل يوم جمعة وبصوت عذب لمذيع اسمه فاروق شوشة كما اذكر..
وهذا الحرص لسماع او قراءة مقال هيكل طال الكثيرين غيري في تلك الايام الباسمة والواعدة حتى الذين لايفكون الحرف وابي منهم فقد كان هيكل باسلوبه السهل الممتنع يصل الى الأمي قبل المتعلم والى الطالب قبل معلمه والى الشاب قبل الشيخ والى المرأة قبل الرجل..
واتذكر ان ارمنيا كان من طلاب صفي وكذلك والده ووالدته كانوا من المعجبين وينتظرون مقال «بصراحة»لهيكل وكذلك كان يقوم بهذا الدور شبان شراكسة وشيشان عمانيون وغيرهم..
حقا..لقد وصل هيكل الى اعلى المناصب ومنها رئيس لتحرير الاهرام ووزير للاعلام ووزير للارشاد.. لكن كانت هناك منغصات واوجاع كبيرة ومؤسية له ايضا منها: قيام الرئيس انور السادات بسجنه وكذلك قيام انصار الرئيس محمد مرسي بحرق مكتبته ونهب ما فيها من كتب واثاث لكنها كلها لم تدفع هيكل لادارة الظهر و ترك هذه المهنة المقدسة التي سقط فيها عشرات الشهداء وفي العديد من البلدان في العالم العربي و هذا العالم.
لقد ظل هيكل 75 عاما وهو يعمل في الصحافة «مهنة المتاعب»هذه ومات بعمر 93 عاما لكنه بقي مخلصا لمصر ولامته العربية..ولقرائه ولمهنته ايضا..
ولاكثر من مرة كان هيكل وزملاؤه يُظلمون في مهنتهم هذه..فقد كان يقول وكأنه يتوجع:» ما انا الا جورنالجي.!...كأي مهنة اخرى متعلق بها صاحبها. بحلوها ومرها وعلى صاحبها أن يصبر ويتجلد..وهذا ما حصل وحتى نفسه الاخير... !