أبدأ أولا بالحديث عن الزراعة، فنحن في الأصل أصحاب أرض وأصحاب زراعة، أنا ابن فلاّح وما زلت فلاحاً احب الزراعة، وأسرّ للون الخضرة وأرتاح كثيراً عندما أقطف من ثمار الأرض.
كنا في الماضي نحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والشعير، وما سواهما من أنواع الحبوب، موزعة زراعته بحسب الأرض، كما كنا نكتفي بل وتقوم حياتنا الاقتصادية على زراعة الأرض، كانت خصبة والمياه وفيرة وأنواع الخضراوات مفتوحة زراعتها للتصدير الداخلي والخارجي.
بالرغم من قلة المدخول مقدرة بالعملة، فإن الابتعاد عن الكماليات والتركيز على الأساسيات يجعلنا في مرحلة الاكتفاء، وكان التكافل جزءا من حياة القرى في كثير من الأحيان.
الزراعة لدينا لا تشكل نسبة كبيرة من الدخل القومي، ولكن الذين يعملون بها كثر، أي أكثر من الذين يعملون في القطاعات الصناعية، ليسوا كعمالة وافدة وإنما من أهل البلد، ومن هنا يبدو أن الاهتمام بهذا القطاع يجب أن يشكل أولوية بالنسبة للسياسة الاستراتيجية على مستوى الدولة، ومعلوم أن مشاكل الزراعة قد تفاقمت من قضايا التسويق، وزيادة كلفة الإنتاج والمديونية، وبالتالي لا بد من التفكير بإدارة جديدة ونظرة جديدة الى استثمار اراضي الدولة مما يشكل نقلة وفرصة لدى كثير من الشباب الأردني.
أقول هذا الكلام وأنا أنظر الى مئات الآلاف من أراضي الدولة على يمين الشارع ويساره بدءا من مطار عمان باتجاه العقبة ونفاذاً الى عمق الأرض في البادية الأردنية، لا أصدق أن هذه الأراضي لا تحتوي على مياه، بل والحصاد المائي على مستوى الاف الحفر يمكن ان يشكل رافدا مائيا، و كذلك الحال على طول الخط الواصل الى شرق الطريق الى المفرق و مرورا بالأزرق و دخولاً الى عمق الاراضي الاردنية في تلك المناطق.
لو أعطى الاهتمام الى التفكير بخطة استراتيجية لهذه الاراضي و استثمارها اولا اي اتجاه حل مشكلة الفقر و البطالة من حيث التشغيل و التمليك المشروط بالمنفعة و هناك قاعدة فقهية كان معمولا بها في تاريخ المسلمين ( من أحيا ارضا مواتا فهي له ) و في الاطار الاخر لو طرحنا هذه الاراضي للتمليك مقابل مبالغ مالية مقسطة للمقيمين و المغتربين بعد ان تجهز بالبنية التحتية من شوارع و كهرباء و مياه - كم من العوائد ستعود الى خزينة الدولة.
انا لا اطالب ان تكون الزراعة على هذه الارض نسخة مكررة عما هو موجود، بل لابد من التفكير بزراعات جديدة – مرتفعة المردود و غير متداولة و قابلة للتصدير من انواع النخيل و الفستق – و حدائق الورود مما هو ملائم لطبيعة الارض.
ان البيع المرتبط بالملكية و بالرقم الوطني و عدم تسرب الارض الى غير الاردنيين او العرب المستثمرين اساس في التفكير في هذا المشروع و لا أدعي اني اول من اشار الى هذا الموضوع، فهناك غيري من طرحه من زوايا اخرى – و ربما نجد في هذه الاراضي من المعادن غير المكتشفة سابقا مما هو رديف الى قطاع الزراعة، و هذا لا يكون كما أجرنا الاف الدونمات مع مياهها بثمن بخس ، في وادي عربه و كانت الفائدة لأفراد معدودين زاد غناهم غنى و سكان المنطقة ينظرون اليهم لانهم لا يملكون رأس المال و الخبرة لمجاراتهم.