ليست السعادة فيما نأخذ بقدر ما هي فيما نعطي، والمجربون المخلصون هم أكثر الناس إدراكاً لهذه الحقيقة، أما أولئك الذين يتطلعون إلى مؤسسات الوطن كمزارع خاصة بهم، ويحصرون نظرتهم إليه كبقرة حلوب يكرسون كل جهودهم لاستنزاف حليبها والتمتع بخيراتها، دون أن يسألوا أنفسهم ماذا قدموا لهذا الوطن من خدمات وبماذا أسهموا في بنائه، بل ودون أن يبادروا حتى إلى تقديم ما عليهم من التزامات طبيعية تحتمها روح المواطنة في حدها الأدنى بإخلاص وأمانة وتجرد..
فهؤلاء هم أكثر الناس إضراراً بمصالح الوطن، وتشويهاً لصورته الزاهية وتدميراً لمنجزات الوطنيين الأحرار ممن بذلوا وقدموا وضحوا لرفعة هذا الوطن ولكي يصل إلى ما وصل إليه اليوم من رفعة وتقدم على كافة الأصعدة.. منجزاتنا الوطنية يجب أن تُحمى، وكل يد تحاول أن تنال منها أو تنتقص منها أو تسعى إلى تخريب شيء منها يجب أن تُقطع، ولا يجوز لأي منا أن يقف مكتوف اليدين أمام أي حالة تخريب أو أي محاولة آثمة للنيل من هذه المنجزات مهما كانت المحاولة صغيرة أو محدودة، فلا تسامح في مصلحة الوطن، ولا تهاون مع المخربين الساعين إلى تقديم مصالحهم الشخصية على مصالح الوطن، فالوطن للجميع، وعلينا جميعاً أن نعمل من أجل أن نرى الأردن زاهراً قوياً قادراً على توفير سبل الحياة الكريمة لأبنائه الأحرار، وهذه ليست شعارات بل مبادىء وأسس أصيلة لازمت الوطن الأردني والأردنيين منذ نشأة الأردن، وينبغي أن تظل دائماً راسخة في أذهاننا، ماثلة بوضوح أمام أنظارنا، حتى نتمكن من البناء على هذه المنجزات وتطويرها، وتعزيز النجاحات وتكريسها وصولاً إلى مزيد من المنعة والحصانة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وقومياً وثقافياً وغيرها..
ولنتصور لو أن كل أردني منا حمل على عاتقه، ونذر نفسه أن يكون جندياً في خدمة وطنه في السراء والضراء، فماذا سيكون عليه حالنا، وكيف ستكون صورة الأردن حينها..!؟
أعتقد أننا سنكون عندها الوطن الأقوى والأجمل والأكثر ازدهاراً، وسينعكس ذلك بالضرورة على كل مواطن منا، بل إلى ما هو أبعد من ذلك، سينعكس على الأشقاء العرب المقيمين بيننا، وسيحافظ الأردن على مكانته ويعزز هذه المكانة .. وطناً قومياً وعريناً عربياً رصيناً لكل العرب كما بدأ..
دعُونا نطلق حملة وطنية واسعة في أرجاء الوطن في الريف والمدن والعاصمة وفي البوادي.. هي حملة الوطن لتعزيز الإنجازات الوطنية ولرفع شعار كلنا جنود في خدمة الأردن..
دعونا نقول لأنفسنا ولكل الذين لا يعنيهم من الوطن سوى اسمه وبعض ما يتكسبونه على حساب الآخرين أو على حساب مصالح الوطن، بأننا لن نقبل إلاّ أن نكون في خدمة الوطن الأردني، وأننا لا نقاتل من أجل عمر وإنما من أجل رب عمر..
وتلك مقولة قالها جندي قائد مسلم حين طُلب منه أن يتنحى عن قيادة أحد فيالق المسلمين بأمر من عمر بن الخطاب، فامتثل راضياً لأن قناعته وإيمانه أعمق وأكبر من أن يعصي أمر الخليفة وقد عاهد على الامتثال والطاعة إذعاناً لأمر الله وطاعة له، فهو لا يقاتل من أجل الخليفة عمر، وإنما طاعة لله وامتثالاً لأوامره.. الأردن لنا جميعاً ومسؤوليتنا تتعاظم يوماً بعد يوم لحمايته، وتعزيز بنيانه، والسعي إلى أن يكون وطناً ريادياً بامتياز، وعلى كل مخلص فينا أن يعمل على أساس مبدأ كلنا في خدمة الأردن.. وأن لا نسمح لأي من ضعاف النفوس، مهزوزي الوطنية، ضعيفي الانتماء بالاساءة إلى الوطن إنْ بتخريب منجزاته ومؤسساته، أو بتشويه صورته، أو بالركوب على مصالح الوطن واستغلال مواقعهم لبلوغ مصالح شخصية ضيقة..
فهؤلاء هم المعطلون والمخربون والانتهازيون والفاسدون.. وعلينا أن لا نخجل من ازدرائهم وصدهم فلا نترك لهم مكاناً بيننا..!!
Subaihi_99@yahoo.com