مورشيوس ليست "شيبس بطاطا"، ولا سَلطة مكسيكية، ولا كريم للتنحيف... بل هي جمهورية أفريقية تعتبر من أعلى دول القارة في مستوى دخل الفرد.
وأظن أن قلة سمعوا بالسيدة أمينة غريب التي تشغل منصب رئيس الجمهورية، كأول مسلمة تتولى هذا المنصب الرفيع بعد استقلال الجزيرة عن الانتداب البريطاني العام 1967، لأنها لم تحمل يوما شعارات تلهب القلوب؛ من الوحدة، إلى الحرب على الإمبريالية، إلى قهر الاستعمار، إلى تجوع يا سمك البحر... ولم تشكل أي محوّر للمقاومة، ولم تنضم إلى أي منظمة ثورية أو حزب سياسي... بل هي عالمة في مجال العلوم، واختارها رئيس الوزراء لمكانتها العلمية وأبحاثها المرموقة دوليا.
كل الدول (كما المنظمات) التي صنعت مجدا، وكيانا اقتصاديا متينا، ومكانة دولية مرموقة... لم ترفع شعارا قوميا، ولم تعقد مؤتمرا ثوريا، ولم يهدد رؤساؤها ويتوعدوا، بل جعلت أرقام الناتج القومي، واحترامها حقوق الإنسان، وانعدام الفقر والبطالة، وأبحاثها العلمية، هي من تتحدث عنها في المحافل الدولية.
بينما كل من هددوا وتوعدوا وشكلوا محور مقاومة، لم يأت منهم إلا الفقر والبطالة والفساد والاستبداد. وأراهن إن نشر أحد منهم بحثا، حتى لو كان عن طريقة تصنيع "جوز الهند"!
من صغري وأنا أسمع شعارات المدعو أحمد جبريل: سنحرر من البحر إلى النهر؛ سنعود؛ سنعبر... وهو صحيا لا يستطيع أن يشاهد نشرة الأخبار إلا بعدسات بوسع صاج الفلافل، فكيف سيعبر وسيرى قوات الاحتلال والأقمار الصناعية تعجز عن رصدها اليوم؟!
أكبر خديعة للقضية الفلسطينية كانت من تلك "الأشكال" التي لا تجد أسماءهم هم وذريتهم إلا في قوائم الصرف لا في قوائم الشهداء؛ فلم نسمع أن بادروا إلى تبني عالم فلسطيني، أو التبرع بوحدة دم، أو التفكير في بناء مشروع اقتصادي يكون سندا وعونا ورافدا لاقتصاد وصمود الأهل هناك في فلسطين.
لو تركوا الجعجعة وساهموا في صناعة الإنسان منذ سلوكهم درب النضال، لكان اليوم في مختلف المنظمات والهيئات الدولية من أبناء الشعب الفلسطيني قادة لهم الكلمة والقرار في مواجهة المخطط الصهيوني.
وآخر ما توصل إليه المحارب العبقري أن تحرير فلسطين يجب أن يأتي عن طريق الأردن، بعد أن يدخلها مع الحلفاء عنوة، وهو المقيم الآن في دمشق التي تبعد عن الجولان "مقلط العصا". ولا أدري ما هي الخطة العسكرية لهذا الجهبذ ليترك السهول الممتدة من دون عوائق للعبور، ويأتي إلى عمان والطريق من وسط البلد إلى صويلح أصبحت تحتاج إلى 3 ساعات من أزمة السير!
سيدي، كل القلوب قبلتها فلسطين. ونحن أوجعنا ما أصاب فلسطين لا ما أصابنا. وحين كنت تمسك المايكروفون لتهدد وتتوعد المحتل على بعد 1000 كلم، كانت نساء الأردن يخبزن للأبطال تحت قصف الطائرات حتى لا يضيع أجرهن من النضال. وحين كنت تأخذ "أسبرين" من وجع الرأس الذي أصابك من حديث المؤتمرات، كان دم الشهداء الأردنيين يعطر دحنون فلسطين. وحين كنت تكتب البيانات الرنانة لشحذ الهمم، كانت شواهد القبور تروي للتاريخ أن الأردن هو رئة فلسطين.
أما نضالك يا رفيق فهو مفضوح ومكشوف ومنتهي الصلاحية... صدقني هو ليس نضالا، وإنما "طخ أعراس"!
الغد