لو بحثنا في قاموس الأمم والعلماء والرياديين لوجدنا أن عوامل النجاح بالأساس تستند على الأمل وتوظيف التحديات لتكون فرصا، والأرضية الرئيسية للاستفادة مما سبق هو إقامة العدل وتعزيز القيم والأخلاق. فأنت تستطيع بالجهد المادي والعلمي استقطاب علماء وتدريب خبراء لبناء قواعد تكنولوجية لتحقق صناعة انتاجية شاملة وربما تطلق صواريخ لتغزو الفضاء ايضا. لكن عندما تتدنى القيم المعنوية وفلسفة الأمة وشخصيتها الاعتبارية فإن قوى معيقة ستكون هناك تتضارب مصالحها مع هذه الحالة. 

وهذا بالضبط ما قدمته الورقة النقاشية السادسة التي ركزت على تعميق الناحية القيمية الإنسانية وسيادة القانون وتعزيز الحريات المسؤولة. ففي مجتمع المدينة المنورة الذي قدمه جلالة الملك في الورقة النقاشية هناك حالة عامة من دفئ العلاقات الإنسانية وقبول للعقد المجتمعي ولا يوجد خطاب كراهية. 

ايضا هناك قوى عاملة لنشر القيم الإنسانية النبيلة وتوظيف للتفكير المنطقي العقلاني واستغلال للطاقات الإنسانية الكامنة ومن الأمثلة على ذلك في غزوة الأحزاب اخذ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بمشورة الصحابي سلمان الفارسي في بناء الخندق وهو أسلوب قتالي غير مألوف عند العرب. 

وليس ببعيد في النهضة اليابانية هناك شخصيات ريادية ساهمت في تسريع وتيرة هذه النهضة مثل هوندا مؤسس شركة هوندا الذي بدأ مشواره الكبير من مشروع قدمه لشركة تويوتا لكن لسوء حظه فشل في بادئ الأمر وبعد ذلك نجح وعندما بدأ يتوسع تم نسف صناعاته من الطيران أثناء الحرب لينهض هوندا مرة أخرى ويؤسس شركته الكبرى. 

إننا أمام حالة مجتمعية علمية اقتصادية تستدعي منا قراءة التاريخ ومواكبة الحاضر لنستعد للمستقبل لتوظيف التحديات لجعلها فرص حقيقية دون أن نستسلم، فالتاريخ مليء بقصص نجاح إيجابية وفي بلدنا العزيز هناك قوى خيرة عاملة والوطن بخير بإذن الله وأن الأمة لا بد من أن تنهض حيث يقول الملك الشهيد عبد الله الأول: لا ريب أن الأمم لا تصل إلى غاياتها إلا بالعقل، والعقل يكون بالنظام، والنظام هو الذي يوصل إلى الغاية المنشودة.

فإنه لو تم تطبيق 10% من الرؤى الملكية الهاشمية لكنا بألف خير. حيث يقول سيد البلاد أن هناك طاقات شبابية لو وجدت الرعاية والتحفيز لأنجزت وابدعت. لذلك على المسؤولين احترام وتقدير أهل الفكر ورفع الوصية عن عقولهم المنجزة الشجاعة. وبهمة الوطنيين الأحرار والعلماء وأصحاب الفكر يكبر الوطن ويزدهر فهو قلب الأمة النابض.