العلاقة بين الشعب الأردني و حكومته باتت واضحة تماما و لا يتناطح في تعريفها و توصيفها ثوران ، فهي علاقة من الشك الدائم المتواصل ، و الناس لم يعودوا يكترثون لمعانٍ رومانسية ولمصطلحات مثل الوطن و الولاء و الانتماء و اللحمة الشعبية و ما إلى ذلك من شعارات خلقت من كثرة الاستعمال و السبب يعود إلى التغييرات الجذرية التي طرأت على تكنولوجيا المعلومات و التواصل الاجتماعي و الثاني الكذب المتواصل للحكومات واحدة بعد الأخرى على الشعب ، فالحكومة لا ترى في الكون إلا جيب المواطن و لم يكن لدى أي حكومة في العشرين سنة الماضية أي خطة أو إستراتيجية ما لخلق اقتصاد وطني جديد يمكن أن ينتج عوائد ثابتة و يؤمن الأمن الاقتصادي و يحد و لو قليلا من مستويات الفقر التي وصلت حدا غير مسبوق منذ بداية نشأة الدولة الأردنية و حتى اليوم.
و أصعب شيء على المواطن حينما يرى حكومته تكذب عليه و يرى المسؤولين يطالبونه بالتقشف و الصبر بينما أزرار قميص الرئيس لا قدرة لأي مواطن على التفكير بشرائها أو الاقتراب من المحلات التي تبيعها ، و يرى المسؤولين يحتفلون بأعياد الفالنتاين بينما الشعب يواصل عملية البحث عن لقمة العيش بين حاوية و أخرى من حاويات القمامة ، و يرى وزير الأوقاف من حيث الشكل و كأنه وزير الفنون التشكيلية ومن حيث المضمون يكفينا المتبرع فاعل الخير الذي أثث مكتب معاليه و جدده ، رحم الله أمير المؤمنين عمرا كان يحكم أربعين دولة من دول اليوم و مكتبه في المسجد و قيلولته تحت شجرة في المدينة.
على سبيل المثال قرأنا بيان لجنة تسعير المشتقات النفطية " كأن اللجنة تنظيما عسكريا يصدر بيانا " و غير موقع من أحد طبعا ، يشرح لنا كيف يسعرون المشتقات النفطية ، بالمناسبة هل سعروا المنحة النفطية الكويتية تبعت زمان بنفس الطريقة ، على كل حال لقد استخدمت كل القواميس المتوفرة لي في المنزل إضافة إلى جوجل كي أفهم بيان اللجنة و ما استطعت ، و البيان شبيه جدا بقصة استذكرها من تراثنا القروي القديم ،( كان في قرية ابن مغترب لعجوز و لم يكن في القرية من يفك الحرف و قد جاءها رسالة من ابنها في مغلف و أرادت أن يقرأه لها احد ما وكان شاب يتعنطز في القرية دائما يدعى أبو العريف ، و رأى العجوز تبحث عن خطيب الجامع ليقرأ لها الورقة إلا أن أبو العريف الح أن يقرأ الرسالة للعجوز ، و وافقت غير مطمئنة له ، و أخذ أبو العريف الورقة و قال للعجوز ابنك يسلم عليك كثيرا و يقول انه يحبك و يطلب منك أن ترضي عليه و تدعين له بالتوفيق و يسأل عن والده و إخوته و العجوز تتبسم ، و قاطعته قائلة يابني هاي حوالة من ابني بأمريكا بدي اعرف قديش قيمتها ، و أوقع في يد أبو العريف و قال طيب قولي لي كان قريت لك اياها قراية حوالات ) ، طبعا أظن أنكم عرفتم من أبو العريف و من العجوز ، على كل حال يكثر خير الزميل محمد الصبيحي حاول أن يقرأ لنا الحوالة و يفك اسرارها و لكن شو محمد و شو مرقته عند لجنة التسعيرة ، مع الإعتذار.
يا أخي لماذا لا تتعاملوا معنا كمخلوقات ذكية ، لماذا التعتيم على المصاريف و الواردات ، و على الإحصاءات و على الرواتب و الموازنات و على علاقاتنا الخارجية و محكومة بمن و بماذا ، لماذا لا نرتقي قليلا بأسلوب التفاهم و تعترفوا و لو لسنة واحدة أننا شعب و لسنا عمالا في مصنع للحكومة أو عبيدا في عزبة للحكومة ، لماذا هذا الارتباك حتى يكاد المريب أن يقول خذوني ، أليس من الأفضل و قد وصلنا " لديار السودا " التي اوصلتمونا إليها أن نحاول تغيير نمط التفكير الحكومي تجاه الشعب ، أليس من الممكن أن نجد وصفة ما تحل جزءا من مشاكلنا غير جبل التخبط الذي يعلو ويعلو حتى يكاد يهبط علينا جميعا.
الشعب مصدر السلطات يا حرام على الشعب و على السلطات و على المصدر...!!