لا شك ان الامم العظيمة تصنع التاريخ باسلوب عظيم. ولئن المحافظون الجدد في امريكا أباحوا لانفسهم ان يصنعوا التاريخ باسلوب همجي ردئ فقد اطاح بهم الشعب في الفرصة الاولى بعد عودة الوعي اليه..
لا بل القى بهم الى موقع نتن في مجرى التاريخ. لا بأس، فقد دفع العالم وفي مقدمته امريكا ذاتها ثمنا باهضا لسلوك مجموعة من الاشخاص المتطرفين في الادارة المنصرمة.. تمثل في ازهاق ارواح اكثر من مليون طفل عراقي والاف الاطفال الفلسطنيين والافغان.. وعدة ملايين من اطفال افريقيا الذين قضوا نتيجة لعدم توفر الطعام والماء الصالح للاستهلاك البشري بينما ترليونات الدولارات تبعثر هنا وهناك في مغامرات عسكرية لا طائل من وراءها ولا مصوغ انساني لها.
اما في امريكا ذاتها فقد تحطم الاقتصاد وعصفت به رياح ازمات مالية لا تفسير منطقي لها.. واصبح المواطن الامريكي منبوذا اينما ذهب في ارجاء المعمورة.. وفقدت القوة هيبتها.. تماما كما يفقد ملاكم محترف هيبته عندما يصرع طفلا صغيرا على حلبة مصارعة غير متكافأة.
واخيرا جاء وقت الحساب.. وكان حسابا عسيرا القى بتلك المجموعة المتطرفة الى مواقع مظلمة في التاريخ.. ونهض الشعب الحر امعانا في التعبير عن طبيعته الحرة.. ليدفع برجل اسود ينتمي الى اقلية عانت طويلا من ظلم امثال هؤلاء ليصبح زعيما لاكبر قوة عرفها التاريخ.. بطريقة قلبت كل المعادلات رأسا على عقب.. وتركت في نفوس تلك الفئة المتطرفة ألما لا يمكن مداراته او التعايش معه.. وانتهى بذلك النمو السرطاني للفكر المتطرف في دماغ العالم.. فامريكا تصبح قوة علمية واقتصادية هائلة لا غنى للعالم عنها عندما يكون الفكر السائد فيها فكرا انسانيا خلاقا ..
وتصبح قوة موت ودمار عندما يحكمها فكر متطرف احمق. ان العالم على مشارف مرحلة جديدة من التاريخ المعاصر.. وسيكتب التاريخ يوما ان مرحلة ما بعد سقوط المحافظين الجدد وفكرهم المتطرف تختلف جذريا عن المراحل التي سبقتها عبر التاريخ. فتحية للشعب الامريكي العظيم.. وتحية للقادمين الجدد الى اعلى نقطة في هرم السلطة والقوة في العالم.. ولعلهم قد فهموا الدرس جيدا..