واخيرا ... اصبح باراك حسين اوباما ، الافريقي الاسود ، المولود في قرية بائسة في كينيا ، والمهاجر الذي استقر اخيرا هناك ، واكتسب كل حقوق المواطنة فيها ، بما في ذلك الترشح لمنصب الرئاسة ، اصبح هذا الشاب الاسود ، الفقير ، ذو الجذور الاسلامية ، رئيــسا للولايات المتحدة الامريكية ، اقوى دولة على الارض .
ان هذا الانتصار العالمي الكبير ، هو انتصار للانسانية بكل مفاهيمها الراقية ، انتصار للديمقراطية والحرية وحقوق الانسان ، في كل ارجاء الدنيا ، انتصار يفرح له كل الفقراء والمضطهدين ، انتصار لكل الاقليات في كل دول العالم ، انتصار لكل قوى التقدم والحرية .
وهو في نفس الوقت ، هزيمة ساحقة ، ونأمل ان تكون قاتلة ، لكل القوى المعادية للانسانية ، بكل قيمها النبيلة ، كالحرية والديمقراطية وحقوق المواطنة وحقوق الانسان ، لا بل ان الرقي في هذه القيم ، جعل حقوق الانسان ، حقوقا للمواطنة ، وما اكبر دليل على ذلك ، هو فوز باراك حسين برئاسة الولايات المتحدة الامريكية .
لقد كان الشعار الرئيسي لحملة الرئيس الجديد هو التغيير ، وهو يقصد التغيير في امريكا ، وها قد انتصر هدف التغيير ، وكم كنت اتمنى لو كان هذا الشعار امميا ، ينشد التغيير في كل العالم ، فتسعى اقوى دولة في العالم لتحقيقه بكل الوسائل ، عدا الحروب ، التي كانت نهج الجمهوريين المفضل ، والتي فشلت في تحقيق الجزء الاعطم من اهدافها ، وجلبت للعالم وللشعب الامريكي نفسه المآسي ، وازدادت الكراهية لامريكا .
لقد اصبح شعار التغيير ، شعارا لكل الشعوب ، التي فرحت بفوز قوى التغيير السلمي ، والتي تنشد التغيير في اوطانها للافضل ، فما احوجنا اليوم الى قوة عظمى ، تنشد التغيير للانسانية جمعاء ، فتشجع حكومات العالم على احترام حقوق المواطنة وحقوق الانسان ، مهما كان جنس هذا الانسان ولونه ومعتقده .
لقد اصبحت الكرة الارضية وطنا لكل انسان ، يذهب الى حيث يجد الكرامة الانسانية ، التي لن تتحقق الا باحترام حقوق مواطنته وحقوق انسانيته ، فلا تمييز بين الابيض والاسود ، او بين المرأة والرجل ، او بين الاقلية والاكثرية ، او بين المسيحي والمسلم ، او بين السني والشيعي ، او بين الشمالي والجنوبي ، او الشرقي والغربي ،،،،، الخ قائمة انواع التمييز والقهر والاذلال .
ما احوجنا في العالم العربي ، وفي كل دول العالم الثالث ، الى اخذ العبرة مما حدث اليوم في امريكا ، من انتصار لقيم الانسانية ، وتكريم لانسانية الانسان ، وهزيمة لقوى التمييز والقهر والاذلال ، التي لا تجيد الا تفتيت الاوطان ، والتمييز بين المواطنين بشتى المبررات الواهية ، والانتقاص من حقوق الآخرين .
m_nasrawin@yahoo.com