كلام في الخصخصة والاقتصاد والمجتمع
د.مروان الشمري
20-02-2017 06:27 PM
مر على مشاريع خصخصة الكثير من مؤسسات الدولة الربحية سنوات وما زلنا غير قادرين على فهم البعد الكمي المتعلق بعوائد الخصخصة من عدة نواحي ومن أهمها: القيمة المُضافة للاقتصاد الكلي نتيجة التحول وما ينطوي تحتها من ابعاد جزئية كخلق فرص العمل وزيادة تنافسية الشركات المخصخصة ومدى ربحيتها بعد التحول ومدى مساهمتها في دفع عجلة الاقتصاد الوطني ومدى مساهماتها في تحقيق نسب نمو اقتصادي اكبر.
معظم باحثي الخصخصة يقرون بالمشاكل التي تواجهها هكذا برامج وخصوصا في الدول النامية ودول العالم الثالث حيث عدم الانسجام بين البيئة بأبعادها التشريعية والثقافية والبنى التحتية وصعوبة ادارة المرحلة الانتقالية لبرامج الخصخصة وعدم وجود معايير موضوعية عند سن التشريعات الجديدة التي تتبع عمليات الخصخصة.
في الخصخصة يقال الكثير من الكلام ومعظمه لا يجد من يستمع له، وذلك نظرا للهوس الذي اصاب بعض أطراف المعادلة التي تحكم الاقتصاد الوطني وهم صناع القرار الاقتصادي ونخب الاعمال والوسطاء والمرابطون على أطراف المعادلة للانتفاع او الاقتيات على المعاملات والتخليصات والتزبيطات.
الكثيرون لا يربطون بين الخصخصة وبرنامج صندوق النقد الدولي ويعتقدون بعدم ترابطهما، وهذا منطق غير صحيح إطلاقا. احد اهم معالم واهداف الخصخصة حقيقة وكما نجمع نحن كباحثين، هو ان تتبنى الحكومات وإداراتها العامة مبادئ السوق المفتوح ورفع اليد تدريجيا عن القطاع الاقتصادي وخصخصة شركات مملوكة لها تحت ذرائع مختلفة حتى لو كانت تلك الشركات قابلة للإصلاح والتطوير وزيادة فاعليتها وكفاءتها الإنتاجية وبالتالي ربحيتها، وكثيرون من أنصار الخصخصة يؤمنون بعدم تدخل الحكومات في الاقتصاد وهذا قد يكون مقبولا في منظومات الاقتصاد التي تمتلك مؤهلات كاملة كقطاع خاص فاعل وتنافسية تامة وحجم كافي من الاقتصاد المفتوح الذي يديره القطاع الخاص يكفي لانخراط الجميع من المؤهلين في فرص عمل تزيد الإنتاجية والتنافسية وتخلق حاله اقتصادية متكاملة بين مكونات المجتمع تحت مظلة تشريعات تناسب الجميع وتراعي الجميع.
في حالة الانتقال من ملكية الحكومة لبرامج الخصخصة تراعي الحكومات عوامل عديدة ومنها مصلحة العامة ومدى فائدة بيع مؤسساتها وعوائد ذلك على الخزينة والدولة بكليتها ومدى الأثر الذي سيتركه ذلك على التنافس داخل السوق ان كانت الشركات في مختلف القطاعات مملوكة لنسب قليلة جدا من العامة لا تتجاوز ال ٨٪ في احسن الأحوال، كما تراعي الحكومات عوامل بعيدة المدى ومنها تأثير قرارات التحول بالمجمل او فرادى على الحالة العامة للمجتمع وبالتالي يكون التعاقد على البيع والمرحلة الانتقالية مراحل مهمة تراعي الحكومات فيها وضع شروطها الخاصة التي تحمي مصالح الدولة بكليتها ومصالح العامة ( الغالبية).
للأسف الحكومات المتعاقبة حتى الان عاجزة عن إيجاد حالة واضحة لما هو دورها الاقتصادي في تحقيق نمو حقيقي وتنافسية حقيقية وتشجيع حقيقي للأفراد على الانخراط في الاعمال الناشئة والصغيرة وذلك بسبب افتقارها لحالة القرار الواضح والبرنامج الواضح والذي برأيي يعود في جزء منه الى ملفات عالقة شائكة ومنها تركات الحكومات السابقة من ديون ومؤسسات متعثرة وهيئات استثمار غير فاعله ولا كفؤة وتشريعات اقتصادية ضعيفة وضعف التكامل والتنسيق بين المكونات المختلفة والمعنية بايجاد وخلق نظام اقتصادي واضح يكون اما حرا بالكامل او تشاركيا تشارك الدولة فيه رقابة وتشريعا وتخلق البيئة المناسبة لممارسة الاعمال بحيث يتسنى للجميع الحصول على فرص متساوية في اقتصاد تنافسي. نحن نفتقر لحالة القرار في هذا الخصوص وما زلنا ندور في فلك سياسات سببت لنا أزمات متتالية دون قدرة اي حكومة على توليف وضع او نظام اقتصادي حقيقي متكامل يحظى برضى العامة وفهمهم له قبل رضاهم والفهم هنا مهم جدا واعتقد ان الحكومة الحالية ما زالت عاجزة عن الشرح بشفافية والاجابة عن أسئلة كثيرة ومنها السؤال الأهم: لماذا وكيف وصلنا هنا وما هي الخطط للتخلص من جذور المشكلة الاقتصادية وإيجاد بدائل حقيقية قابلة للاستمرار تعود على المجتمع والدولة بخير يرضى فيه كل الأطراف.