يجب أن نهنئ أنفسنا على تطور العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي ، وخاصة بعد مكرمتهم التي طبلنا لها وزمرنا وهي ما سمي بتبسيط قواعد المنشأ والشروط المرفقة به ، فقد انخفضت مستوردات الاتحاد الأوروبي من الأردن بنسبة 3ر6% ، ولم تتجاوز خلال الأحد عشر شهراً الأولى من سنة 2016 مبلغ 150 مليون دولار!.
في المقابل ارتفعت مستوردات الأردن من الاتحاد الأوروبي بنسبة 5ر4% لتبلغ 2ر4 مليار دولار في أحد عشر شهراً. وبالنتيجة لم ينخفض العجز التجاري بل ارتفع وظل الاتحاد الأوروبي يصدر إلى الأردن 28 ضعف ما يستورده من الأردن مما يشكل ميزاناً تجارياً لا مثيل له في العالم.
هذه الحالة الشـاذة ليست عادلة وليست طبيعية ، وغير قابلة للاستمرار ، وتبلغ درجة المهزلة ، ويجب أن يوضع لها حد الآن وليس غداً.
مقابل ما سمي تبسيط قواعد المنشأ فرض الاتحاد الأوروبي على الشركات الصناعية الاردنية التي تريد التصدير إلى أوروبا أن يكون 15% من عمالها من اللاجئين السوريين ، وأن ترتفع نسبتهم بعد ذلك إلى 25% ، وهناك قيود وشروط أخرى حول مواقع الشركات المستفيدة في المناطق الإنمائية المؤهلة ، وبالنتيجة فإن تبسيط قواعد المنشأ رافقه تعقيد قواعد التعامل.
الاتحاد الأوروبي ينظر إلى الأردن كمستودع بشري يتجمع فيه اللاجئون من سوريا وغيرها بحيث لا يحاولون اللجوء إلى أوروبا ، كما يحدث في تركيا التي تعرف كيف تتعامل مع الاتحاد الأوروبي في قضايا اللاجئين.
الأردن مستودع لتثبيت اللاجئين والحيلولة دون ذهابهم إلى أوروبا ، وتركيا ممر ومنطلق إلى أوروبا بموجب مفاتيح موجودة في يد الرئيس التركي. وهناك ثمن نقدي لما تسمح أو لا تسمح به تركيا. وبقدر ما تستفيد تركيا فإن الاردن يتحمل الضرر ويتقبل وضعاً غير عادل مع أنه يستحق الأفضل.
في هذا المجال لا بد من التعريج على مؤتمر المانحين الذين انعقد في لندن في أوائل السنة الماضية ، حيث دق الأوروبيون على صدورهم ، وتعهدوا بمبالغ طائلة على مدى ثلاث سنوات تقديراً لدور الأردن في استيعاب اللاجئين السوريين.
الحكومة الاردنية أخذت تعهدات مؤتمر المانحين مأخذ الجد ، واعتقدت أن المجتمع الدولي سيحترم التزاماته ويمكـّن الأردن من تحمل أعباء اللجوء الكثيف.
بعد سنة كاملة على انعقاد مؤتمر المانحين حصل الاتحاد الأوروبي على ما يريد من الأردن دون أن يدفع الثمن ، وقبلنا أن نلعب دور المغفل ونصدق كل ما يقال!.
الرأي