هل تعلم يا دولة الرئيس حجم المعاناة التي تلقون بها الى نفوس وبيوت الاردنيين بعد كل اجتماع مجزرة وأنتم تأخذون مقاعدكم حول تلك الطاوله البيضاويه المشؤومة بالنسبة للشعب الاردني المنهك وقد تناسقت الوان ملابسكم الزاهيه وانبعثت في قاعة اجتماعكم عطوركم الفرنسيه وبايديكم اقلام فاخره هي ليست للكتابه ولكنها للذبح والسلخ و حز الكرامة ووأد الطمأنينه ؟
هل تعلم يا دولة الرئيس أننا بحاجة إلى أدوية كثيرة لمجرد أن نراكم وتحدثونا عن المواطن وهمومه وخدمته وتحسين ظروفه وأن الوطن بخير وأن الدولة معنيه بالفقراء و المعوزين والحفاظ عليهم او إذا حدثتمونا عن العدالة والنزاهة ومكافحة الفساد وتكافؤ الفرص وتوزيع مكتسبات التنميه أو عن إحساسكم بمعاناة الناس أو اهتمامكم بمستقبل الأجيال فليس أقل من تزويدنا بعلاجات الضغط والسكري والجلطة والشيزوفرينيا ونوبات الصرع والتقيؤ وسلس البول والإكتئاب وآلام المفاصل.
الآن يا دولة الرئيس تحدث المواطن الأردني عن الدين العام وعن الناتج المحلي الإجمالي وعن معدلات النمو والتضخم وكأن العامة معنية بأرقامكم الكاذبة الخادعة وكأنهم هم المسؤول عن الإختلالات والإختلاسات والتجاوزات وفشل السياسات وامتيازات الذوات وكأن الناتج المحلي الإجمالي يقسم بعدالة على الفقراء كما كان ولا زال يقسم عليكم ، وكأن الدين العام سببه هؤلاء الجياع الذين لهم أيد تعطي ولكم أيد تأخذ فامتلأت جيوبكم وخويت بطونهم والسياط بأيديكم والظهور مكشوفة منهم وليس إلا جور في الأرض يعطيكم ويخولكم ما لستم له أهل أو أحقية أو شرعية ويسلب من يملك الشرعية كلها من أن يتدبر أمره ويتحمل المسؤولية.
الجياع الذين تسمع أصواتهم ولا تدرك ولا تفهم معاناتهم يا دولة الرئيس -رغما عنا- لا ينافسونك أماكن تسوقك أو سياحتك ولا يطمحون في مجاورتك في عبدون ولا يجيدون إشعال سيجارك الكوبي ولا يعنيهم الكافيار الأحمر أو الأسود ولا كثيرا من الأشياء التي تهمك ولكنها ليست من اختصاصنا ولا اهتمامنا ولكن لهم كل الحق في الكرامة على تراب هم من يعرفه ويعرفهم وسقوه من عرق جبينهم وحموا قدسيته من أن يدنس بقوافل الشهداء من أصول وفروع هؤلاء الجياع وهم يجيدون الجندية والفداء والحراثة والحراسة وزرعوا زيتون الوطن ويجيدون قطافه ويجيدون كثيرا من الأعمال التي تستنزف عرقا ودما ودموعا مما لا تجيد انت ومترفوا الوطن أيّا منها ، فنحن يا دولة الرئيس حاصل الضرب دوما وانتم كنتم ولا زلتم حاصل القسمة والتي ما كانت يوما إلا ضيزى.
هل تعلم يا دولة الرئيس أنك ومذ تبوأت مقعدك في الدوار الرابع لم نرَ يوما نتفائل به لا في الجانب الأمني حيث تتابعت الأحداث التي جعلت قلوبنا تبلغ الحناجر واستشعرنا أن الخطر يتخطفنا وتحيط بنا الدوائر ، وفجرت بقراراتك وحكومتك مكامن الجريمة التي فاقمها الفقر والبطالة والإحباط والجوع إذ جعلت المسافة بين الحياة والموت قراراً من قراراتكم غير الراشدة أو المتزنة وأصبح الإنتحار طريق الأردنيين للخلاص ولا نشعر منكم إلا الإهمال والتطنيش وربما التشفي ،وأما المخدرات وتجارتها فأصبحت للبائسين ملاذا وللجشعين طريقا .
وأما الجانب الإقتصادي المر ففشلكم ذريع وقد أوصدتم كل الأبواب إلا باب الجباية الجبانة ، والفريق الإقتصادي الفاشل يعبر الحكومات ويدمر حياتنا متجمدا مشلولا درسه الصباحي والمسائي وصفات صندوق النقد الدولي الذي يكبلكم ويقتلنا وما زال اللبراليون الجدد والمسعورون الجدد والمشبوهون بكل أضرار الوطن والمواطن ينتشرون في أوصالنا انتشار السرطان الخبيث ووراءهم كل القصص غير المحكية من الفساد والإفساد والتشويه للمجتمع ووجهه وملامحه .
ولا نظنكم تدركون خطورة الطوابير العاطلة والمتعطلة عن العمل وعن الحياة وماذا عساهم فاعلون أو آيلون وفي المقابل يتدلل ابناؤكم في الخيارات والإختيارات في الأماكن والمراتب والمزايا ليزيد ذلك القبحَ قبحا ، والأزمة تعقيدا ، ولن أحدثك عن الثقة التي لم يعد لها أثر ومن وقت مضى وليس بالقصير فورقة التوت ما عادت تستر العورات المفضوحة الوالغة في قوت الشعب وحقوقهم وحياتهم التي أحلتموها كدرا وشقاءا .
وأما الجانب السياسي فأعفيك منه إذ ان ملفه لا يعنيك ولا تعرفه .
لذا يا دولة الرئيس أنت لا تملك لغة ولا نهجا ولا مضمونا ولا قاسما مشتركا يجمعنا بك ، وأنت عززت ما استقر في ذهنيتنا أنكم انتم انتم ونحن نحن والبون بيننا شاسع والهوة عميقة وأن اللقاء غير ممكن ولا متاح .
واعلم يا دولة الرئيس أننا أصبحنا في زمن تصنع فيه المواقعُ الرجالَ ، وولى زمان الرجال التي تصنع المواقع وإلا لما كنت أو كانوا .
ولعل الفرص القادمة إن بقينا ستسعفنا ان نقول لك ما لم نقل .
والـســـــلام .....
المهندس نايف الليمون