كارثة خسارة الناس لوظائفهم
سلمان الدوسري
17-02-2017 01:27 PM
الطفرات التكنولوجية في الطباعة ثلاثية الأبعاد.. والقيادة الذاتية..والروبوتات.. والذكاء الاصطناعي.. والبيانات الكبيرة.. والتعلم الآلي..والتكنولوجيا الحيوية، جميعها تمثل فرصًا هائلة لعالم جديد وتطورٍ تكنولوجي هائل لم تتخيله البشرية، إلا أنها أيضًا قد تتحول إلى كارثة حقيقية تتسبب في خسارة الملايين من البشر لوظائفهم، فوفقًا لبيانات البنك الدولي، يقول تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، إنه من الممكن الاستعاضة عن ثلثي مجموع فرص العمل في العالم النامي من خلال الاعتماد على النظم الأوتوماتيكية التي أصبحت أكثر انتشارًا في مجال صنع السيارات
والإلكترونيات، كأن العالم لا يكفيه انتشار وباء الإرهاب والحروب والأزمات الاقتصادية التي تسببت في طحن المجتمعات وزيادة نسب البطالة، حتى يأتيه الخبر السيئ من رحم الخبر الجيد؛ فضريبة التطور التكنولوجي العظيم تهديد لوظائف مئات الملايين من الناس، وبحسب تقرير صادر من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن 30 في المائة من مجمل عدد الشباب في العالم العربي عاطلون عن العمل، ونسبة مشاركة النساء منخفضة في الحياة العامة، فإذا أضفنا ما ستمثله الثورة التكنولوجية من إلغاء وظائف قائمة ورفع نسب البطالة، فإن الصورة ستكون قاتمة ولا يمكن تخيُّل تبعاتها المقبلة.
خلال جلسات القمة الحكومية العالمية، التي اختتمت أعمالها، أول من أمس، في دبي، أُعِيد دق ناقوس الخطر من جديد، من قبل عدد من مسؤولي حكومات العالم، فيما يمكن تسميته بسلسلة من الثورات العلمية المقبلة والمهدِّدَة بإلغاء ملايين الوظائف، وبحسب موقع «روسيا اليوم»، فإن باحثين من معهد البحوث الياباني «نومورا» (NRI) مع زملاء لهم من جامعة أكسفورد وجدوا أن «ما يصل
إلى 49 في المائة من الوظائف في اليابان يمكن أن تحل محلها أنظمة كومبيوتر»، بحلول عام 2035، كما أعلنت الحكومة اليابانية عن خطة لإنشاء روبوتات ممرضات، من شأنها أن تساعد المرضى المسنين، وتقول الدراسات إن العاملين في وظائف الجلوس على المكاتب لتقديم المساعدة في الفنادق، وخدمة العملاء، وتسليم البضائع، وزراعة الأراضي، يمكن أن يفقدوا وظائفهم لتحل الروبوتات محلهم في المستقبل بسهولة، حتى أولئك الأشخاص الذين ترتبط وظائفهم بالتدريس أو الكتابة، ولا يمكن أن تحل أجهزة الكومبيوتر محلهم في المستقبل المنظور، فإنهم لن يكونوا في مأمن من التعرض للخطر مستقبلاً، مع هذه الثورة المعلوماتية التي لا يمكن لأحد التنبؤ بمخرجاتها إطلاقًا.
الحقيقة أنه رغم كل التحذيرات التي تؤكد أن المد التكنولوجي مقبل لا محالة، وسيغرق الملايين من وظائف البشر، فلا توجد حتى الآن وصفة واضحة تتبعها الحكومات لمقابلة «أتمتة» الأعمال البشرية المتعددة التي سيحل محلها بعبع الروبوت، حتى اقتراح الأمم المتحدة بفرض ضريبة على هذه الروبوتات للحد من التغيرات الكبيرة في الاقتصاد العالمي لن يكون مجديًا ولا عمليًا، خذ عندك
سائقي الأجرة التقليديين، فإن خصمهم القادم ليس شركة «أوبر»، كما هي معركتهم الحالية، بل السيارات آلية القيادة التي ستعمل بالتأكيد على إبقائهم في منازلهم عاطلين عن العمل.
صحيح أن مهمة الحكومات تحسين حياة الناس من خلال الابتكار ليكون العمل الحكومي أكثر التصاقًا بقضاياهم وتطلعاتهم، لكنها أيضًا معنية بالاستعداد لآثار هذه الثورة المقبلة التي ستستفيد منها البشرية من جانب، وستكون أضرارها قاسية على فقدان البشر لوظائفهم من جانب آخر.
يقول ستيفن كوتلر الكاتب والصحافي الشهير إن الحكومات ليست معدّة لتكون مرنة، أو سريعة التكيف، أو ذكية، «ولكن يتعين عليها في جميع أنحاء العالم أن تثبت قدرتها على التكيف إذا أرادت أن تواكب المتغيرات المتسارعة».
عن صحيفة الشرق الأوسط