ماذا عن موازنة العام القادم؟؟؟
د.خليل ابوسليم
17-02-2017 11:31 AM
ما أن وافق مجلس النواب على مقترحات الحكومة برفع الدعم عن بعض السلع وزيادة الأسعار على سلع أخرى، حتى سارعت معظم الوزارات بالإعلان عن قوائم السلع والخدمات التي طالها الرفع سواء كان يرفع الدعم عنها او زيادة أسعارها، وفي الحالين النتيجة واحدة وهي ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات لدرجة تعجز عنها جيوب الكادحين.
فهذه وزارة الاتصالات أعلنت عن رفع تكلفة الاتصالات، ووزارة العمل عن رفع تصاريح العمل، ووزارة الداخلية رفعت تكلفة إصدار وتجديد الجوازات، ووزارة المالية وضريبة الدخل تكفلت بالجزء الأكبر من تلك العملية كونها المعنية بتحصيل معظم إيرادات الدولة، فقامت برفع أسعار معظم السلع والخدمات التي تظن أنها – وكل الظن إثم- سلع كمالية حتى وصل الرفع الى الحصيرة، وقائمة الوزارات تطول في هذا المجال، وكأنها في سباق محموم مع المواطن.
وبالمقابل نجد وزارات أخرى مارست دورها في التضييق على المواطن وتنكيد سبل عيشه، بدءا من وزارة التربية التي تمارس كل يوم فنونا في تعذيب الطلاب وسن أنظمة وقوانين تدعي فيها إصلاح العملية التعليمية، وتكتمل الحلقة بوزارة التعليم العالي التي تبحث عن سبل سد العجز في موازنات الجامعات والحد من القبولات الجامعية في آن معا.
بالمحصلة النهائية معظم الوزارات التي وجدت بالأصل من اجل تنظيم أمور المواطنين والتخفيف من معاناتهم، نجدها هي سبب كل تلك المعاناة، وكأنها أقسمت على ذلك ولا شيء غير ذلك.
كلنا يعلم علم اليقين أن هناك عجزا مزمنا في موازنة الدولة، ولا نرغب في الحديث عن أساب ذلك العجز الذي يزداد عاما بعد عام، فالحديث فيه ذو "سجون" وقد يؤدي بصاحبه خلف القضبان وهذا نوع آخر تمارسه الدولة في الحد من حرية الرأي والتعبير.
كما أننا نعلم مسبقا أن العجز سيتواتر في موازنة الدولة للعام القادم والأعوام التي تليها، إلا أننا لغاية الآن لا نعلم كيف ستفكر الدولة في سد ذلك العجز؟ بمعنى آخر، ماذا تبقى من سلع وخدمات لم يطالها الرفع وتخطط الدولة لرفعها في قادم السنوات؟
اعتقد أن السيناريو سيتكرر مرة أخرى، مع نفس الحكومة ونفس المجلس النيابي طالما أركان الدولة الرئيسية ما زالت تفكر بعقلية الجباية، معتقدة أن المواطن لديه القدرة الى التحمل ورفد موازنة الدولة بمزيد من الأموال.
إن حصل هذا، فإنما يدل على قصور في التفكير، يستوجب معه إعادة النظر في شخوص المكلفين بالولاية العامة للدولة ولا بد للمخطط الاستراتيجي من التفكير خارج ذلك الصندوق، وأن يعي مخاطر الوضع القائم وما يجلبه من ويلات على المجتمع تنال من استقراره الاجتماعي والاقتصادي الذي بدأنا نلحظ أعراضه وهي تزداد يوما بعد يوم.
نرجوكم لا تدفعوا بالمواطن الى الحائط، وان تفكروا بعقلية بعيدة كليا عن سياسة الجباية للحفاظ على ما تبقى من ولاء وانتماء، هذا إن بقي منه شيء.
kalilabosaleem@yahoo.com