لم أكن من مؤيدي الرئيس الذهبي في كثير من القرارات التي اتخذتها حكومته، وفي مقدمتها رفع الدعم كلياً عن المحروقات ما ألهب الأسعار في البلاد، وزاد من رقعة الفقر، ولم تفلح حافلات وأقسام طوارئ "شبكة الأمان الاجتماعي" التي شغّلتها الحكومة بطاقتها القصوى في إنقاذ الكثير من المواطنين من الغرق في مستنقع العوز والفاقة.. والتي بذلت جهوداً جبارة ولكن دون جدوى حقيقية تذكر نظراً لعظم المصيبة..!!
ومع ذلك فإنني لا أنكر بأن منسوب إعجابي بالرئيس بدأ يرتفع مترافقاً مع قرارات ودور مهم بات يلعبه الذهبي في إدارة شؤون الجهاز التنفيذي في الدولة، وما زاد من تقديري للرئيس لفتتاته المسؤولة كرجل دولة، أملت عليه مسؤوليته الوطنية المبادرة إلى وقف عدد من الحالات والإجراءات التي حامت حولها شبهات فساد وتلاعب واستغلال للنفوذ والسلطة على أيدي مسؤولين كبار، ولا أريد هنا أن أذكر أي حالة من هذه الحالات لأنها معروفة وتطرقت إليها وسائل الإعلام أكثر من مرة، وقد كانت مواقف الرئيس أكثر من حازمة تجاه هذه الحالات التي أحال بعضها للتحقيق، خصوصاً في ظل توافر معطيات عن علاقات منفعة لمسؤلين كبار في بعض أجهزة الدولة التنفيذية ما يعد مخالفة صريحة للقانون يُشتمّ منها رائحة فساد كبيرة وخيانة لأمانة المسؤولية في حال ثبتت الأدلة والبراهين..
مسارعة رئيس الوزراء لاتخاذ هذه الخطوات والمواقف الحازمة فور اطلاعه على ما توافر من معلومات وأخبار وتحريات تحمل إشارات قوية بأن الذهبي يمارس دوره ومسؤولياته كرجل دولة وصاحب ولاية قوي، وأنه يملك شجاعة المسؤول وشفافيته التي تملي عليه اتخاذ مثل هذه القرارات دون أن ينظر إلى الوراء..!!
الرئيس الذهبي برهن بهذه الخطوات التي تُضاف إلى خطوته السابقة بتعديل اتفاقية كازينو البحر الميت الشهيرة حالما علم بها، بما يحول دون إقامة هذه المفسدة في البلاد، بأنه رجل دولة ووطني مسؤول يسعى إلى مكافحة الفساد المالي والإداري في أركان الدولة، وأنه لا يمكن أن يقف مكتوف اليدين أمام أي حالة فساد أو شبهة فساد تتناهى إلى علمه، وهذه المواقف الشجاعة تُحسب للرئيس، وتغفر له اتخاذه لقرارات أخرى قد لا تكون -في نظرنا- قد راعت مصالح الغالبية العظمى من المواطنين، وإن كان مرغماً على اتخاذها لظروف ودواع عالمية، لا بد معها من مراعاة المصالح العليا للأردن..
على أي حال نرجو أن يستمر الرئيس الذهبي في مواقفه الشجاعة، وفي التزامه بهذا المستوى الرائق من الشفافية في التعامل مع الشؤون العامة، وإطلاع الناس على الحقائق، وأن لا يتهاون قط مع أي حالة فساد كائناً منْ كان وراءها، حتى لو كلّفه ذلك منصبه.. وأنا على يقين وغيري كثيرون أن سيد البلاد وكل المواطنين الشرفاء سيقفون معه ويؤازرونه ويدعمونه بكل الإمكانات..
وأقول للرئيس مذكراً وناصحاً بأنّ منْ أراد أن يتخذ قرارات اقتصادية قاسية بحق الناس، فعليه بالمقابل أن يكون صلباً في مكافحة الفساد والمفسدين، عنيداً في كبح جماح الطامعين والمعتدين على مصالح الناس وقوْتهم، وما أكثر صور الاعتداء على المصالح العامة هذه الأيام..
والقليل منها –مع الأسف- تلك التي قد تطالها يد القانون، أما الأكثرية فتحتاج إلى حسّ وطني وشعور بالمسؤولية وشفافية ونزاهة لدرء الشبهات التي قد يقع فيها مسؤولون كبار وربما صغار متسلقون أيضاً بصور وأشكال قد لا تخطر على بال الشياطين..!!