أخيراً، وبعد معاناة طويلة، وجد نوفان نصفه الآخر. لكن، وللأسف الشديد، فإن "سي. في" نوفان مخجلة بعض الشيء: ثلاث قيود شيكات من دون رصيد، وسرقة عنز، وضربة موس بسبب نزاع على مكان بسطة... ولذلك كان العثور على عروس له أصعب من العثور على أبو بكر البغدادي.
دخل نوفان صالة النساء منتشيا، كأنه إمبراطور اليابان. علما أن شاهد عيّان أكد أنه قبل يومين من زفافه شاهده "مقطوع من البنزين" على أحد الطرق الدائرية، فوقف يستجدي سائقي السيارات الأخرى، لكن لم يقف أحد لنجدته خوفا من الشبهات!
ما إن أطل رأس نوفان من باب القاعة، حتى دوّت الزغاريد: "هاااي يا نوفان حوطتّك بالله... هاااي من عيني ومن عين خلق الله". نوفان الذي إذا نظر إليه أحد تكون النتيجة ثلاثة أيام في الجويدة، وعطوة أمنية لمدة ثلاثة أيام. صار هناك الآن خوف عليه من الحسد! علما أن التنفيذ القضائي عجز مسبقاً عن اصطياد نوفان، فكيف إذاً ستنجح أعين الناس في اصطياده؟!
ما إن دخل نوفان من باب القاعة، حتى دب الصراخ، كأن الداخل هو يعقوب؛ المرشح للفوز بلقب "عرب أيدول"، وليس نوفان الحاصل على لقب أزعر هامل!
لم يعد يُرى نوفان بالعين المجردة؛ إذ تكالبت عليه الأخوات والعمات والخالات من كل حدب وصوب، في مشهد مؤثر يذكرنا بلحظة عثور الناجين من الزلازل والحروب على أقارب لهم اعتقدوا أنهم ماتوا، فالكل يحضن نوفان ويبكي، فيما قبل ساعة من موعد زفافه لم يكن أحد من العائلة يعترف به، حتى إن إحدى عماته دخلت إلى القاعة من الباب الخلفي خوفا من أن يراها أحد تحضر الحفلة، فهي أشاعت مسبقا أن نوفان هو ابن أخيها من الرضاعة، ولا تواصل بينهما!
نوفان الذي لا توجد له صور إلا في سجلات المحاكم، أصبح الجميع يتسابقون ليلتقطوا معه "سيلفي". صحيح أن واحدة منهن لم تجرؤ على نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي خوفا من هروب العرسان، إلا أن الـ"سيلفي" انتشر على "جروب" العائلة الخاص على "واتس آب"، والكل يعلق: "متل القمر"!
إحدى المدعوات الصابرات لم تحتمل كل تلك الحفاوة بنوفان رغم أن تاريخه معروف للجميع، فهمست في أذن من كانت تجلس بجانبها: "لو الله يهديه ويرجع العنز اللي سرقها". سمعت خالة نوفان حديثها واستشاطت غضبا، وسارعت إلى الدفاع عن نوفان بأنها تهمة باطلة، رغم أن قضية العنز فيها حكم قطعي. وبعد دقائق، ازدادت حدة النقاش واندلعت بينهما مشاجرة عنيفة. وبعد أن تم اسعاف المصابات وعاد الهدوء إلى الصالة، تم البحث عن نوفان، فتبين أنه أخذ "الذهبات" وترك الحفلة والعروس والقريبات وحساب الصالة!
الحكومة تريد أن نقوم نحن بالإبلاغ عن أي فاسد وكأنه حريق منزل، وليس هي من تبادر وهي الأعلم والأقدر على ذلك. بالطبع سيأتي الفاسد منتشيا، وسيلقى كل الترحاب، وحين أقول له: "لو الله يهديك وترجع ما سرقته"، ستثور بالطبع كل منظومته الفاسدة وستدافع عنه؛ فهو ليس نوفان!
الغد