«حبة الشيخ» .. و«قبة المنع»!!
ماهر ابو طير
03-11-2008 02:00 AM
منع الشيخ رائد صلاح من دخول الاردن ، ولم يكن هناك سبب مقنع لعدم دخوله ، خصوصا ، ان الاردن يدافع ليل نهار عن القدس والمقدسات ، والمسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة ، والرجل لم يكن الا مدافعا اخرا ، عن المسجد والمخاطر التي تحاصره.
عدم دخول الشيخ رائد صلاح ، امر مضر بسمعتنا كثيرا ، فسيخرج كثيرون ليدعوا روايات كثيرة ، نحن في غنى عنها ، ولماذا نقبل على انفسنا سوء التفسيرات ، في قضية عادية ، وفي عشرين يوما فائتا ، كانت للاردن اشارات ومواقف كثيرة ، بخصوص القدس ، وفي منع الشيخ رائد صلاح ، اشارة معاكسة ، سيخرج مفسرو الليل ، لمناقشتها بطريقة سلبية جدا ، وقد صنعنا نحن من الحبة قبة ، دون سبب ، اذ ما الفرق بين دخوله في زيارة خاصة لثلاثة ايام ، او دخوله للمشاركة في مهرجان اسلامي مرخص لنصرة المسجد الاقصى ، وقد كنا تاريخيا ، اول من انفتح على عرب الثمانية واربعين ، بشتى الوانهم السياسية ، وقدم الاردن لهم دعما كبيرا على صعيد الاقتراب من بعدهم العربي ، وقضايا التعليم والحج ، وغير ذلك من قضايا.
قد يغضب البعض ، هنا في عمان ، من رأيي هذا ، وسيخرج من يتبرع بتفسيره بطرق كثيرة ، لا علاقة لها اصلا بدوافع الموقف ، والمفسرون الجالسون الى مكاتبهم ، هم غير الكتاب بطبيعة الحال ، وفي قصة مثل قصة الشيخ رائد صلاح ، كان من الممكن ان يأتي ويشارك ويغادر ، دون ان نصنع قصة ، في الاعلام العربي ، ودون ان نصنع قصة اخرى لدى المتفرغين للدفاع عن المسجد الاقصى ، وقد يكون الشيخ رائد صلاح ، معينا اصلا للاردن ، بشكل او باخر ليس لان الدولة بحاجة الى فرد يعينها ، بل لان الشيخ يمثل تيارا منظما يخفف العبء عن الاردن ، الذي يتولى ملف المقدسات ، ويجعل الى جانبه اصوات قوية ومؤثرة ، بدلا من ترك المهمة كلها على الاردن ، وبدلا من سكوت العرب الممنهج ، على ملف القدس ، وتركه للاردن ليس من باب المحبة ، بل من باب تحميل المسؤوليات ايضا ، بجانبها السلبي.
في حالات معينة ، تكون هناك معلومات لدى الحكومة ، تؤدي الى بلورة موقف لا يتفهمه المراقبون عن بعد ، غير ان سياقات التبرير التي قرأتها لا تشي بوجود موقف من الشيخ رائد صلاح ، الذي منع في مرات من دخول الاردن ، ودخل في مرات اخرى ، وسياقات التفسير تقول ان الحركة الاسلامية في الاردن لو نسقت مع الجهات المعنية لدخل الشيخ رائد صلاح ، وان بامكان الشيخ ان يأتي مرة مقبلة في وقت لاحق ، وهي سياقات لا تعكس موقفا عدائيا من الرجل ، لكن يمكن ان يقال ان هناك تحسسا وهذا مجرد استنتاج من خلق ترابطات بين الحركة الاسلامية في الاردن والحركة الاسلامية في فلسطين ثمانية واربعين ، وهي ذات الحساسيات التي قد نراها لو نظم البعثيون الاردنيون المحسوبون على بغداد سابقا ، لو دعوا بعثيا كبيرا من بغداد للاشراق عبر نشاط في عمان ، وهذا رأي يطرحه البعض ، لحسابات سياسية ، وليس لموقف من ذات الشيخ او من عدم الرغبة في دعم قضية القدس.
الشيخ رائد صلاح شخصية اعتبارية ، واذا كان قادما لاجل نشاط سياسي ، فقد كان واجبا ، ان يتم الترتيب المسبق ، اذ لا يمكن التعامل معه كسائح او زائر ، وهذا جانب تكنيكي في الموضوع ، غير ان المؤسف انه برغم كل السياقات التي يتم طرحها اليوم ، لا يعلق بالذهن الا ان الاردن منع الشيخ رائد صلاح من دخول الاردن ، وهذا ما يثير في البال حرقة ، خصوصا ، اننا لا نتصرف على هذا الاساس ، ونتولى ملف القدس عبر خطوات كثيرة ، ويفيدنا وجود اصوات تخفف ضغط المسؤولية ، عن هذا البلد ، الذي يراد له ان يتحمل السلبيات ، ولا يعترف له احد بالايجابيات.
في المحصلة ، كان واجبا ان يدخل الشيخ رائد صلاح لتجاوز حساسية التأويلات والتفسيرات ، في هذه الظروف ، وان تتم معالجة الموقف في وقف لاحق ، بدلا من من "شربكة" الامور بهذه الطريقة ، دون سبب مقنع تماما ، ودون الحاجة الى مثل هذا الموقف ، علنا ، اذ كان بالامكان معالجته بهدوء ، وبحساب كلفة لكل التفسيرات.
m.tair@addustour.com.jo
الدستور