الصحفي او الكاتب يضطر أحيانا الى التقاط المفارقة السياسية بشكل يشابه او يحاكي طبقا شهيا اسمه "الشنكليش". وقصة الشنكليش ان احد تجار الجبن ولسوء تخزين بضاعته فسدت اجبانه فما كان منه الا ان اعاد انتاجها مع بعض البصل والبندورة لتصبح طبقا يقدم الان في المطاعم الراقية.
الصحفي او الكاتب ووفقا لمعادلة الشنكليش الطاغية الان مطلوب منه ان يعيد انتاج بعض القضايا وفقا لنفس القاعدة.
امس صرح الزميل محمد ابو رمان وقبله كثيرون عن اعادة ترسيم العلاقة بين الصحافة والسياسة وبين الصحفي والسياسي وفق منهج مهني ولا اريد ان اقول وطني لان محتكري الوطنية يرسمون الاشياء وفق قياساتهم والتهم جاهزة وتحتاج فقط الى اطلاق دون ان ننسى ان بعض الجسم الصحفي والاعلامي وفر منصات الاطلاق بقلة المهنية وقلة المعلومة والنكايات الشخصية.
الحكومة تستعد الان لمارثون من الخطابات وكذلك الصحافة تحت يافطة مناقشة الموازنة ولن يتحدث اي طرف عن الهدر في الموازنة بشكل عام ولن يتعرض احد الى ان الموازنة تقر بسرعة وتناقش في الختام باستفاضة كما يقول المنطق ، فنحن نريد ان نسأل وزير الصحة مثلا كيف انفق المبالغ المرصودة في الموازنة لوزارته وليس كيف سينفقها وكيف ان موازنة الدولة كلها لن تكفي محافظة واحدة حسب طلبات نوابها.
اما اذا تعرضت للهدر من خلال امتيازات النواب والاعيان والاعفاءات فسيقال لك "ما لقيت الا هاي" وهذه الاجابة ستلقاها عند كل سؤال عن الهدر واذا جمعت المبالغ التي تندرج تحت بند "الا هاي" فستجدها موازنة بحد ذاتها.
الان وبعد مواسم المحاذير والتخدير سنناقش بعض المفاصل على ارضية "الشنكليش" ، نعم يجب ان يستمتع النائب ببعض الميزات والامتيازات فهو يوفر لنا كل اسباب الراحة اذا ارتاح هو ، فهو ممثلنا تحت القبة وفوق الجبة ، وكذلك سعادة او فضيلة العين فهو يفلتر ما خرج من النائب ويعيد انتاجه ويجب ان يرتاح وان نوفر له سبل التفكير السليم.
اما السادة الوزراء فهم مرهقون دوما ويشتكون من ضغط عليهم لقبول المنصب ومعظمهم خاسرون من حمل الامانة التي رفضت حملها الجبال وكلهم يتمنى العودة الى شغله الخاص الذي ضاع لغيابه في غياهب العمل العام وثقل المسؤولية.
وما ان تعود الى مكتبك حتى يرن الهاتف "اسمع الحكي اللي حكينا ترى بينا.. انا حكيتو الك كأخ" وبسرعة يسألك عن التعديل وعن اسمه ، ثم يرن هاتف اخر صحيح ان مجلس النواب في طريقه الى الحل ويردف حرام والله اننا اشتغلنا بحق الله ، ثم يأتي هاتف ثالث يقول بضرورة حل المجلس ويسألك اذا كان من الحكمة ان يبدأ بالتواصل مع الناس في قواعده التي لم يزرها منذ اخر انتخابات ، كل هذا ومن الممكن ان يشطب محمد التل المقال ويصبح جزءا من شنكليش فرّامته الورقية.
omarkallab@yahoo.com
الدستور