في هذه المقالة، أنشر تعليقات لأولياء أمور وطلبة على مادة فيلمية كرتونية قصيرة، تتعلق بالكتب المدرسية وماهية ما يدرسه الطلبة. وهي تعليقات تعكس حجم إدراك الأسر لمعاناة أبنائهم، والنتائج الكارثية لما يتلقونه من تعليم يرتكز أساساً على التلقين.
الفيديو منشور على صفحة في موقع "فيسبوك" تحمل اسم "حافظ مش فاهم". وهي صفحة اجتماعية تهتم بأمور مختلفة من نهج الحياة في الأردن، مع إعطاء مساحة للنقاش، وضمن ذلك الاهتمام بالتعليم والمساهمة الإيجابية في تنمية وتطوير المجتمع.
واللافت في جميع التعليقات أنها تعدد سلبيات مخرجات التعليم غير المرضية للأهل، رغم العبء الكبير على الطلبة. وأعرض عددا من هذه التعليقات كونها تؤكد أن الحاجة باتت ماسة -وليس مجرد حديث من باب الترف- إلى تغيير المناهج وتأسيس مركز خاص لإعدادها يراعي التطور في أساليب التعليم، ويأخذ بعين الاعتبار التراجع الكبير في مستوى طلبة الأردن في مادتي العلوم والرياضيات تحديداً، كما في اللغة الإنجليزية.
أحد أولياء الأمور يدعو إلى ثورة في المناهج والكتب المدرسية، كما في التعليم العالي، بما يضمن تعزيز التفكير الناقد، بعد أن صار عماد التعليم عموماً هو التلقين غير المفيد، مع ما يعنيه ذلك على صعيد استفادة الطلبة منه بعد التخرج، من المدرسة و/ أو الجامعة. وفي السياق ذاته، تستذكر إحدى الأمهات بمرارة تجربتها مع ابنتها حينما كانت في الصف الأول الأساسي، فتقول إن منهاج الرياضيات كان واسعاً جداً، ما يقتضي تدريسه بشكل سريع لا يتناسب وعمر الأطفال، كما تتساءل: "عمركم شفتو طفل صفه أول بحل جمل مفتوحة؟! بالوقت اللي كانو بلخبطو فيه بالعد".
تعليق آخر تؤكد فيه أم، عن حق في الأغلبية العظمى من الحالات، أن الطلبة في بلادنا، حتى الجامعيين منهم، يحفظون المعلومات من دون فهم. مستشهدة بما كان يتلقاه أبناؤها في الأردن مقارنة بألمانيا التي رحلت إليها؛ إذ تغيرت حالهم هناك، فبات الأولاد يتعلمون التفكير بشكل مستقل، وليس فقط حفظ المعلومات ونصوص المناهج من دون أي نتائج مفيدة.
مشكلة أخرى يطرحها أحد الآباء، هي أنه مع الارتقاء في الصفوف، يرتفع عدد الوحدات الدراسية، خصوصا في مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية، ما يضع عبئا كبيرا على المعلم، يجعله لا يعطي المنهاج المقرر حقه، فينهيه كيفما اتفق، ولتكون النتيجة النهائية أن جميع الطلبة "حافظين ومش فاهمين".
أحدهم يقول إنه عندما يفتح كتب ابنه يُصدم، وينظر إلى طفله متسائلا: ماذا يريدون من الأطفال؟ لماذا يثقلون كاهلهم بعلم غير مفيد؟ ويقارن ما يجري عندنا بما يحدث في السويد التي كانت تحتل المرتبة 29 أوروبياً في المستوى الدراسي، لكنها تتربع الآن في المرتبة الأولى أو الثانية.
ويعلق آخر بالحديث عن تأثير المناهج على نفسية الطلبة الذين لم تعد تربطهم علاقة ودية بالمدرسة والكتب؛ سواء لسطحيتها أو لصعوبتها بحكم أنها أعلى من مستواهم الفكري، فصار الطالب يكره الدراسة نتيجة التعقيد. ويضيف: "هذا كمان غير التشديد من المدرسة والأسلوب السيئ...".
وتقول إحدى طالبات المرحلة الثانوية: أنا في الصف الأول الثانوي. وفي كل السنين الماضية كنت أحفظ وأنسى بعد الامتحان بدقيقة! وتزيد: "كنت أدرس وأنا مش فاهمة؛ معلومات دسمة ومصطلحات ولا عمرها مرت. مناهجنا تلقينية بس للحفظ، فش فيها إبداع وتفكير. حتى الرياضيات حفظ صارت".
أتوقف عند هذا الحد من التعليقات. وليت المساحة تتسع لها جميعاً لأُسمع صوت أصحابها. ولذلك أنصح كل من يقف موقفا اعتباطيا ضد تطوير المناهج أن يدقق فيما وصلنا إليه، وأن يعود للصفحة المذكورة ويقرأ التعليقات على الفيديو، منصتاً لآباء وأمهات وطلبة موجوعين من التعليم ونتائجه. وأنصح من يقف في وجه فكرة التطوير أن يكون موضوعيا، فيحول موقفه لصالح أبنائنا وبناتنا الجالسين على مقاعد الدراسة، لأن مستقبلهم هو وقود معركة المناهج.
الكتب وطلبتنا الأميون ليسوا ساحة للاختلاف والصراعات السياسية. وقد جاء أوان ترك الموضوع للمختصين والخبراء الحقيقيين، وليس أصحاب الأيديولوجيا.
الغد