وصف النائب الاشتراكي الفرنسي جيرار تابت الرئيس الروسي بوتين بأنه لاعب جودو ماهر في السياسة ويتقن لعبة الاستباق، وكان الحديث في سياق سياسي محدد هو العلاقة بين روسيا وما تبقى او ما سوف يتبقى من الاتحاد الاوروبي .
بوتين لاعب جودو وكذلك كراتيه وتبعا لتقاليد هذه اللعبة فإن من يظفر بالحزام الاسود يمنع من الاشتباك مع شخص واحد، والحدّ الادنى المسموح له بالاشتباك معه هو رجلان، فهل سيكون الاتحاد الاوروبي الذي بدأ يتصدع والولايات المتحدة هما الطرف الاخر في هذا الاشتباك ؟ وهل اصبحت موسكو التي وصف رامسفيلد سلاحها بأنه تقادم وغطاه الصدأ القطب الفاعل الذي يعمل له حساب ؟ بالامس القريب ترنح الرئيس يلتسين في احد مطارات اوروبا، سواء بسبب تقدمه في السن او لاسباب صحية، وعلق بعض الصحفيين يومئذ قائلين ان ما جرى لروسيا وما بلغته من شيخوخة تجسد في رئيسها .
وهذا ايضا ما قيل عن شيخوخة كوبا التي تزامنت دراماتيكيا مع شيخوخة زعيمها العنيد فيدل، كنا نظن ان مرض الشّخصنة حكر علينا نحن العرب وان الغرب يتعامل مع مفاهيم وهو على قدر من الوعي بالتجريد .
لكن التعامل مع روسيا على انها تعافت بفضل لاعب الجودو الذي لم يتجاوز الستين والذي اعترضت امه على مشيته في اروقة الكرملين كمصارع به اغفال كبير لكل اجهزة ما يسمى الدولة العميقة، وبوتين ليس البطل الفرد المخلص او السلفادور بلغة امريكا اللاتينية، فهو يرأس دولة فقدت الكثير من الريش وبيعت فيها اوسمة الجنرالات على ارصفة شارع ارباط بموسكو وظن البعض انها اصبحت متخصصة في تصدير الكافيار والشقراوات .
ان اشهر هدية لمن يزور موسكو ان يشتريها هي الماتريوشكا التي تبدو للوهلة الاولى دمية خشبية واحدة لصبية، ثم يكتشف من يشتريها ان في داخلها العديد من الدمى الاصغر حجما.
ربما كانت الماتريوشكا الادق في التعبير عن المستويات المتداخلة وغزارة اللامرئي المستتر لروسيا، اما لعبة الجودو فلها شأن آخر !
الدستور