38 عاما تطارد «الخميني والخمينية» !
رجا طلب
13-02-2017 01:24 AM
قبل 38 عاما اي في عام 1979 أقلت طائرة فرنسية « الامام الخميني» الذي كان يعيش في منفاه بباريس في « نفل لو شاتو « إلى طهران بصورة فاجأت الكثير من الدول ومنهم بشكل خاص الأردن حيث كان جلالة المغفور له الحسين بن طلال قد تدخل لدى الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان وقتذاك لضبط حركة الخميني في منفاه ، وذلك بناء على رجاء من الشاه محمد رضا بهلوي من اجل تذكير ديستان بضرورة الالتزام بالاتفاق الشفهي بينهما ( الشاه - وديستان ) والذي كان ينص على استقبال الخميني واستضافته شريطة عدم السماح له باي نشاط سياسي وذلك بعد وصوله باريس عام 1978.
كان اختيار باريس من قبل الخميني يشكل لغزا محيرا للكثير من متابعي الشأن الايراني وقتذاك ، فالخميني كان يسر للمقربين منه من رجال الدين والشخصيات المعارضة الذين كان يلتقيهم بعد مغادرته إيران عام 1964 في تركيا وبعدها العراق انه يفضل العيش في سوريا أو الجزائر لمواصلة خطه السياسي المعارض ضد نظام الشاه ، كان يقول ذلك رغم معرفته بمدى أهمية وجوده في النجف الاشرف ، الخميني كان دائم التذمر و لم يكن راضيا على الدعم الذي كان يقدمه له النظام العراقي في مواجهة شاه ايران ، رغم ان الذي قُدم للخميني طوال سنوات منفاه في النجف الاشرف ( 1965 – 1978 ) كان ضخما وكبيرا.
خلال اسابيع قليلة صعد الخميني من وتيرة الصدام مع نظام الشاه وبلا اي تنسيق مع الدولة العراقية المستضيفة له مما اضطر نائب الرئيس العراقي وقتذاك صدام حسين للطلب منه اما الالتزام بشروط الضيافة او اختيار مكان اخر للاقامة فيه وكان سلوك الخميني موضع تساؤل... « ما السبب ولماذا « ؟؟.
لم يختر الخميني سوريا كما كان يردد ولا الجزائر بل اختار باريس ، وكان هذا الاختيار « مريبا وغريبا « ، فباريس عاصمة متحررة جدا وتمثل النموذج النقيض تماما لفكر الخميني الراديكالي دينيا وفلسفيا ، كما أن باريس فقيرة في الحضور الديني للمسلمين بشكل عام وقتذاك وللشيعة بشكل خاص ، فيما كانت ألمانيا في ذلك الوقت تملك اكبر جالية إسلامية شيعية في عموم أوروبا وتحديدا في هامبورغ التي كانت تحتضن اكبر مسجد للشيعة في أوروبا لكنه لم يختارها !!.
من هنا يمكن الاستنتاج أن التصعيد المفاجئ للخميني ضد الشاه من النجف ، واختيار باريس تحديدا كمنفى له ، وإخلاله بالشروط المتفق عليها مع العراق منذ عام 1964 كلها علامات استفهام كبيرة تؤشر إلى أن الخميني في عامي 1978 و1979 دخل في مخطط كبير بشان إيران والمنطقة ، وتحول خلال اقل من عام ونصف العام إلى زعيم للثورة الإيرانية ضد الشاه ، رغم انه لم يكن يملك أية قوة فعلية على الأرض داخل ايران ومدنها ، ففي ذلك الوقت كانت القوى الفاعلة المناهضة لنظام الشاه تتمثل بالقوى الوطنية وتحديدا مجاهدي خلق وحزب تودة الشيوعي والثوار الوطنيون الشباب بالإضافة لرجال الدين من أمثال أية الله طالقاني ، والمحلاتي ، وحسن القمني، والخاقاني ، وهؤلاء كلهم لم يكونوا يرون في الخميني زعيما بل مجرد رجل ترك إيران طواعية ويعيش في باريس ويتنعم بخيرها ولم يكن له اي تأثير على الجمهور الغاضب ضد الشاه وآل بهلوي فيما هم ذاقوا الامرين في سجون « السافاك «.
في تلك الفترة وخلال اقل من شهرين من وصول الخميني لباريس « جيش الإعلام البريطاني « وتحديدا « البي بي سي « الفارسية كل جهدها « لمتابعة خطب ولقاءات وأخبار الخميني في « لو شاتوا « ، كما بدأت « ثورة الكاسيت « بالظهور على السطح حيث كانت تسُجل خطب الخميني التحريضية ضد الشاه في منفاه الباريسي على « الكاسيت « الذي كان في ذلك الوقت اختراعا صوتيا نوعيا ، وتنقل تلك التسجيلات إلى داخل إيران بصورة لم يستطع الشاه نفسه إيجاد تفسير لها.
هل كل هذا كان مصادفة أم ماذا ؟
خلال الأشهر القليلة التي عاشها الخميني في باريس كان الشاه مصدوما من العلاقة بين ديستان والخميني ، وكان يتساءل عن طبيعة العلاقة التي تربط الاثنين ، وكان يسأل ما سر اهتمام صحيفة مثل اللوموند بالخميني ، وتضخيمها للوضع في داخل ايران ووصفه « بالمجزرة « والمقالات الغاضبة لشخصية فلسفية مثل جان بول سارتر والناقدة بقسوة للحكم في ايران رغم وجود انظمة كثيرة في العالم فيها من الظلم والفساد ما يفوق الوضع في ايران.
يقول الكاتب والمفكر الإيراني « احسان نراغي « في كتابه ( من بلاط الشاه إلى سجون الثورة ) ان ديستان كان على قناعة تامة بان الخميني سيكون مشروعا لفرنسا في ايران وليس مشروعا اميركيا « وفي المحصلة خدع الخميني فرنسا كما خدع العالم كله.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي