في البادية تتحقق ريادة التطوع
ماجدة المعايطة
12-02-2017 03:18 PM
يثير فوز البادية الاردنية بالجائزة الدولية للعمل التطوعي ، جملة من الملاحظات ليس أقلها أن الموضوع ، على أهميته، لم يحظ بما يستحقه من الإضاءة والحفاوة التي توجب المتابعة الوطنية والبناء على الانجاز.
ففي ختام "ملتقى الشباب العربي " الذي انعقد في تونس قبل أيام ، فاز الاردن بالمركز الثاني للعمل التطوعي ، من خلال إحدى منظمات المجتمع المدني التي تعمل في البادية ، حيث أقام الصندوق الهاشمي لتنمية البادية طوال السنوات العشر الماضية على جهد مؤسسي متكامل، أحد مكوماته توظيف العمل التطوعي والشراكات القطاعية ، بغاية درجات الاحتراف الموسوم بالصمت المتواضع.
يلفت الاهتمام في هذا السبق الدولي الذي تحققه البادية الاردنية في موضوع العمل التطوعي وشراكة المجتمع المدني ، أنه يأتي وكأنه خارج أجندة التنمية، كما نسمعها في سياقات الاصلاح الاقتصادي وتقليص العجز واستنطاق الطاقات الوطنية، والبحث عن الاكتفاء الذاتي بعد أن تضاءلت فرص وأحجام المساعدات الخارجية .
ففي أيّ من نقاشات الموازنة بمجلس النواب ، او في التجهيز لمرحلة اللامركزية الاقتصادية ، لم نسمع شيئا عن موضوع العمل التطوعي الذي يشكل في بعض بلدان العالم نسبة مؤثرة من الناتج المحلي الاجمالي ، بينما لدينا لا يبارح هامش الصفر ، مع أن كل الدراسات والتجارب الجدية أثبتت أن في الاردن طاقات وفرص واستعدا للعمل التطوعي يمكن ان يوفر للدولة نسبة تنمية لا تحتاج الا الى ارادة وجدية ونأي عن الاستعراض.
وجه المقارنة الملفت ، هو أن البادية ومن خلال أكثر من عشرة مشاريع تنمية ينفذها الصندوق الهاشمي ، باتت تشكل نموذجا للحصافة في توظيف العمل التطوعي والشراكات القطاعية التي تضمن الاستدامة في الانتاج والتشغيل والتأهيل ، بدون أن تشكل عبئا على ميزانية الدولة . وعندما يبدأ تنفيذ نظام اللامركزية، قريبا ، فإن اقليم البادية ، كما نراه،سيكون الأكثر ، بين محافظات المملكة ، قابلية أن يستثمر خصوصياته ومشاريعه المستكملة لدراسات الجدوى ولبرمجة التنفيذ.
لقد نجح صندوق البادية خلال السنوات العشر الماضية في أن يوفق بين مقتضيات ومخرجات التنمية المستدامة ، وبين المحافظة على خصوصية المجتمعات المحلية، الثقافية والاجتماعية. هي المعادلة الصعبة ، كما تسميها الشريفة زين بنت ناصر . المعادلة المتمثلة بتنمية حقيقية تُحدث الفرق ، لكنها لا تفرّط بالخصوصية . تمكين للمجتمعات المحلية ، ورفع قدراتها وإكساب شبابها مهارات المشاركة والقيادة، وكل ذلك من خلال شراكات قطاعية، فيها للعمل التطوعي دور محوري يحقق الان فوزا على المستوى الاقليمي والدولي .، كونه يعظّم قيم روح العمل الجماعي،والتعاون بين ابناء المجتمع المحلي في البوادي الثلاث، باتساعها الذي يشكل ثلاثة ارباع المساحة الجغرافية للمملكة .
عشرة مشاريع تنموية تستنطق خصوصيات وميزات البادية، يجري تنفيذها بشراكات قطاعية تستحق أن تكون نموذجا للامركزية الاقتصادية . في موضوع الحرص على التوازن بين الفرص والمقيدات في البادية ، تقوم شبكة من مشاريع اسواق المواشي وزراعة الاعلاف والنخيل في القطرانة وصبحا والازرق والديسة والمحمدية . وفي استنطاق الثروة السياحية للبادية تقوم مشروعات اخرى يجري فيها توظيف شراكات القطاع الخاص والمجتمع المحلي ، على النحو الذي يضمن الاستدامة التي يمنحها العمل التطوعي قيمة مضافة راجحة ، يعترف بها العالم ويمنحها جوائز الريادة ، بينما تكاد تغيب عن صخبنا المنشغل بالشكوى التي يتبادلها الجميع بسبب او بدون سبب.
شكرا خالد هيشان الجازي على جائزة التطوع العالمية التي حجزتها للبادية الاردنية . شكرا صندوق البادية على الرؤية التنموية التي تعتمد الشراكات القطاعية والعمل التطوعي ، نهجا في التنمية المستدامة التي لا تخلّ بالخصوصيات الثقافية والاجتماعية .
Majeda811@hotmail.com