رشيد الخالدي والانتخابات الأميركية
د .حسن البراري
02-11-2008 02:00 AM
مع استمرار تراجع فرص جون ماكين في الانتخابات التي ستجري بعد يومين، يستمر ماكين وحلفاؤه في حملة بائسة ويائسة في تلطيخ سمعة باراك أوباما وتوظيف أي معلومة، بصرف النظر عن دقتها، لتخويف الناخب الأميركي من أوباما. فالواقع يشير إلى أن الحزب الجمهوري لم يدخر أي وسيلة لوضع حد لما يبدو وكأنه هزيمة ساحقة للحزب الجمهوري الذي يفقد الصلة بالواقع يوما بعد يوم.
وآخر ما توصل إليه الجمهوريون هو وصم باراك أوباما بأن له صلات وثيقة مع الأرهابيين . ففي اليومين الأخيرين، رفع ماكين الدور حول علاقة مفترضة بين باراك أوباما ورشيد الخالدي. والأخير هو برفسور أميركي ولد في نيويورك لكنه من أصول فلسطينية. وهو الآن أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة كولومبيا وله العديد من الكتب والمقالات التي تتناول الصراع العربي الإسرائيلي. ويمكن تلخيص الفكر السياسي للخالدي بالقول أنه مع حل الدولتين، بالرغم من المثالب التي يراها، ولكنه بنفس الوقت ينتقد الفلسطينيين لاخفاقهم تبني استراتيجية المقاومة غير العنيفة. بمعنى أن أفكاره السياسية هي أكثر إعتدالا من أفكار الكثيرين من الفلسطينيين الذي تتعامل معهم إدارة الرئيس بوش.
يصر ماكين أن رشيد الخالدي كان ناطقا رسميا أو متحدثا باسم منظمة التحرير الفلسطينية وهو منصب لم يتولاه طيلة حياته. فقد كان مستشارا للوفد الفلسطيني في مدريد. التشويه ما زال على أشده إذ يزعم ماكين وجولياني أن رشيد الخالدي ما هو إلا متطرف وأن الصداقة المفترضة بين الخالدي وأوباما ما هي الا مؤشر على طريقة تفكير باراك أوباما فيما يتعلق بإسرائيل.
فماذا لو كان الخالدي بالفعل ناطقا رسميا لمنظمة التحرير التي كان يرأسها عرفات؟ ألم يوصف عرفات في الولايات المتحدة أنه زعيم منظمة إرهابية ؟ ألم يفرش الأميركان السجاد الأحمر بعد ذلك لهذا الارهابي ؟! بالفعل ينصدم الإنسان المتابع للنقاش العام في أميركا للمستوى الحضيض الذي وصل إليه الجمهوريون والمتمثل في التحريف والانتقائية والتضليل. طبعا لا يشير الجمهوريون إلى حقيقة أن الكثير من مستشاري أوباما هم من اليهود الأميركان. وهذه حقيقة والراهن أن بعضهم سيتولى مناصب هامة في إدارته في حال نجاحه في إنتخابات الرابع من الشهر الجاري. فالمطلوب فقط الانتقائية في الاشارة إلى أصدقاء أوباما، من بيل (ويليام) إيرز الى رشيد الخالدي وربما يظهر غيرهم لو تستمر الحملة لبعض من الوقت. فالمطلوب هنا محاكمة المرء من خليله، كما يقال في العربية. لكن يتناسى جهابذة الحزب الجمهوري أن رشيد الخالدي كان قد تلقى تمويلا لاجراء استطلاعات رأي عام في الضفة الغربية في التسعينيات من المعهد الجمهوري الذي كان يرأسه جون ماكين!
محاولات ماكين البائسة لا تنعكس ايجابا عليه كما تبين الاستطلاعات. فهم الناخب الأميركي ما زال الاقتصاد ولا ترى أغلبية الأميركان أن ماكين مؤهل لقيادة الولايات المتحدة اقتصاديا في الفترة القادمة. وفي حديث لي في واشنطن مع الكثير من المحللين والمختصين في الانتخابات الأميركية، يتبيّن أن هناك نوعا من الإزدراء للطريقة التي وصلت إليها حملة ماكين والتي من الممكن أن تكلف الحزب الكثير في المستقبل القريب.
وليس دفاعا عن الخالدي الذي يعتبر كفاءة أكاديمية يعتد بها، لكن محاولات الشيطنة تصل إلى نقطة زائدة عن الحد. وهنا يبدو أن ثمة تناقضا بين الاتجاه العام الذي تعدى عنصرية اللون والعرق والمتمثل في الاستعداد لإنتخاب أوباما وبين اتجاه ضيق مهزوم يلعب على ورقة العنصرية التي تشير إلى كل ما هو عربي أو مسلم كما جاء في التحقق من هوية أوباما ومن الاشارة الى الخالدي. يبدو أن اتجاه العنصرية ينهزم في أميركا ولننتظر اليومين القادمين لنتعرف على الوضع بشكل أدق.