الحاكورة الأردنية تتصدر المؤتمر الوطني للأمن الغذائي
السفير الدكتور موفق العجلوني
10-02-2017 12:25 PM
عقد مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية يوم الثلاثاء ٧/٢/٢٠١٧ وبالتعاون مع مؤسسة الغذاء والدواء مؤتمرا وطنيا بعنوان الحاكورة الاردنية (الأمن الغذائي في الاردن) وذلك تحت رعاية دولة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي وكان الهدف من هذا المؤتمر هو زيادة الاهتمام بمفهوم الحاكورة الأردنية، ذو الدلالة الاقتصادية والاجتماعية الملتصق بثقافة الأرض والفلاحة والزراعة والأمن الغذائي. هذا المفهوم المرتبط بأهم عامل اجتماعي، وهو العامل القروي والريفي المتعلق بالنماء والانتماء للوطن. وكيف كانت الحاكورة الاردنية (حديقة المنزل) هي مصدر الاكتفاء الذاتي للعائلة من لحوم وطيور وبيض ومشتقات الالبان والفواكه والخضار وزيت الزيتون ...الخ. ولكن عندما أهملنا الاهتمام بقيمة الحاكورة تراجع نماؤنا وخف انتماؤنا لقريتنا وريفنا وحتى لبلدنا ووطننا الذي نحيا ونعيش فيه ونضحي من اجله .
والسؤال هنا، هل نعود الى مفهوم الحاكورة حديقة المنزل (مايكرو ايكونومكس)، حاكورة الاغوار الشمالية والجنوبية، حاكورة مأدبا، حاكورة الظليل حاكورة الرمثا واربد امتداد سهول حوران، حاكورة الشوبك، حاكورة عجلون وحواكير اردنية اخرى ... ( ماكرو ايكونومكس ) .
بنفس الوقت فان هدف القائمين على المؤتمر وعلى رأسهم رئيس الجامعة الدكتور عزمي محافظه ، هو زيادة الاهتمام بمفهوم الحاكورة ونشر المعرفة العلمية حول هذا المفهوم وارتباطه بجميع الابعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتزويد اصحاب القرار سواء في القطاعين الحكومي أو الخاص بالتوصيات اللازمة لتعزيز مفهوم الحاكورة في المملكة. هذا وقد تناول المؤتمرون ثلاثة محاور رئيسية:
الاول: التحديات التي تواجه مفهوم الحاكورة الاردنية
الثاني: سلامة وامن الغذاء والدواء
الثالث: التشريعات والسياسات
وحقيقة وبشهادة كافة الحضور كان الدكتور موسى شتيوي مدير مركز الدراسات موفقا بالإعداد والتحضير لعقد هذا المؤتمر واختيار المحاضرين ورؤساء الجلسات وجمهور المدعوين من علماء واساتذة وخبراء. وكان لهذه الحاكورة (المؤتمر) طعم خاص ولون مميز ورائحة عطرة، كون هذه الحاكورة كانت الحاضنة الغنية للأمن الغذائي في المملكة.
هذه الحاكورة والتي افتتحت من قبل مندوب دولة رئيس الوزراء المهندس يعرب القضاة والذي نقل بدوره تحيات دولة الرئيس للقائمين على اعداد هذا المؤتمر الوطني والتهنئة للمركز بتصنيفه واحدا من اهم ١٥٠ مركزا على مستوى العالم وحصوله على المرتبة الاولى في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وذلك في التصنيف العالمي السنوي لمراكز الدراسات للعام ٢٠١٧.
حقيقة كان المؤتمر متميزا من حيث انه كان مؤتمرا وطنيا بامتياز تناول كافة معطيات ومؤشرات الامن الغذائي في المملكة بكل التفاصيل الدقيقة والبعد الغذائي الامني في الحاضر والمستقبل، والتوصيات اللازمة لمعالجة قضايا الامن الغذائي.
تناول نخبة المحاضرين و مدراء الجلسات و الحضور كافة معطيات الحاكورة الاردنية و الامن الغذائي. فقد عرج كل من اصحاب المعالي و العطوفة و السعادة - و مندوب دولة الرئيس وزير الصناعة و التجارة المهندس يعرب القضاة والدكتور عزمي محافظه رئيس الجامعة الاردنية و الدكتور هايل عبيدات مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء و الدكتور موسى شتيوي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية و الاساتذة محمد العمري و عوني طعيمه و المهندس محمد البطاينة والسيد عدنان ابو الراغب و الدكتور عاكف الزعبي والأنسة مها العلي والدكتور رضى الخوالدة و الدكتور صائب خريسات و الدكتور قاسم الزعبي - على اهمية الامن الغذائي و ضرورة اتخاذ كافة السبل للمحافظة على الامن الغذائي في المملكة .آخذين بعين الاعتبار تزايد عدد السكان و الهجرة القصرية و عمليات اللجوء ، و محدودية الموارد الطبيعية والزراعية و التحول في النمط الغذائي الاردني و تعدد الجهات الرقابية و معوقات الصناعات الغذائية و التغير المناخي و اثر كافة هذه التحديات على الامن الغذائي .
و قد خرج المؤتمر بعدد من التوصيات الهامة التي تتعلق بالمحافظة على الامن الغذائي و كان من ابرزها: استغلال الموارد الاقتصادية و دعم الاقتصاد الاردني و العربي ، و التنسيق بين السياسات و الخطط التنموية العربية، والتخلي عن الاعانات الاجنبية ، والتركيز على البحث العلمي ، والتكنولوجي، وتنفيذ المشاريع التنموية، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني ، وزيادة التشاركية بين القطاع العام و الخاص ، و تحسين جودة المنتج الاردني لمنافسة الاسواق الخارجية من حيث الجودة و السعر ، و البحث و الدراسة سواء في تحسين هذه الحواكير بمفهومها العام او زيادة عددها و خاصة في توفير الامن الغذائي و الامن النفسي استنادا الى قوله تعالي : "الذي اطعمهم من جوع و امنهم من خوف - ، كلوا و اشربوا و لا تسرفوا ". ولا يتأتى ذلك الا من خلال المحافظة على الامن الغذائي من خلال الاخذ بتوصيات مراكز الدراسات والابحاث، هذه التوصيات التي جاءت من نخبة من العلماء والخبراء والدارسين والباحثين في معطيات الامن الغذائي اخذين بعين الاعتبار كافة الظروف السياسية والامنية والبيئية والجغرافية وكافة المصادر الطبيعية من المياه والطاقة وأثرها على الامن الغذائي وعدم الاعتداء على الحواكير الاردنية وتفتيت الملكيات الزراعية ومعالجة عمليات الجفاف والتصحر والزحف الصحراوي وهدر الموارد.
ان قيام مراكز الدراسات في اعطاء الاولوية في التركيز على موضوع الامن الغذائي هو مؤشر ايجابي وبنفس الوقت انذار وتنبيه لكافة الجهات الحكومية والخاصة بإعطاء هذا الامر الاهتمام الخاص لأنه يتعلق بحياة المواطن اليومية وله انعكاسات عديدة اقتصادية واجتماعية وامنية ليس على المستوى الوطني فحسب وانما على المستوى العربي والاقليمي والدولي.
و هنا لا بد من الاشارة الى الدور الريادي لمركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية ممثلاً برئيس المركز سمو الشيخ محمد بن زايد و مديره العام سعادة الدكتور جمال سند السويدي حيث صدرت العديد من الدراسات والاصدارات و الابحاث و الندوات عن المركز تتعلق بالأمن الغذائي سواء في منطقة دول مجلس تعاون الخليج العربية او الشرق الاوسط او المغرب العربي .و كان من ابرز هذه الاصدارات :أمن الماء و الغذاء في الخليج العربي ٢٠١٣ ، ازمة الغذاء العالمية ٢٠٠٩ ، طعام افضل بسعر اقل : فاعلية الحوافز المالية في تعديل السلوك الغذائي ٢٠١٤ ، تفعيل دور المشروعات الاقتصادية المشتركة في تحقيق الامن الغذائي العربي ٢٠١٣ ،الوقود الحيوي بين ازمة الغذاء و ازمة الطاقة ٢٠١٣ ، الامن الغذائي العربي : المتضمنات الاقتصادية و التغيرات المحتملة ( التركيز على الحبوب ) ١٩٩٨ / طبعة ثانية ٢٠١٤ ، اتحاد المغرب العربي و مشكلة الامن الغذائي : الواقع و المتطلبات ٢٠٠٤ .
بنفس الوقت لا بد من الاشارة الى الكتاب القيم الصادر باللغة الانجليزية عن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية للعام ٢٠١٦ لمؤلفه الدكتور عوني طعيمه بعنوان : الامن الغذائي في الأردن، و بالتالي بات من الضروري التعاون بين مراكز الدراسات و الابحاث الاستراتيجية في البلدان العربية في موضوع الامن الغذائي العربي و الخروج بخطة عمل تنفيذية لمعالجة الخلل الحاصل في البلدان العربية في موضوع الامن الغذائي والذي هو جزء من الامن الغذائي العالمي و الذي يتطلب جهود مجموعات دولية و على رأسها الامم المتحدة و المنظمات التابعة لها و التي تشرفت بتمثيل المملكة في هذه المنظمات في مدينة روما لمدة خمس سنوات ٢٠٠٠ - ٢٠٠٥ ( الفاو و صندوق التنمية الزراعية و برنامج الغذاء العالمي .
في ضوء ما تقدم ربما حان الوقت لعقد مؤتمر عربي حول الامن الغذائي في العالم العربي يكون مكان انعقاده اما في مركز الامارات للدراسات الاستراتيجية او مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية.