منذ ان تسلم رئاسة الحكومة الاسرائيلية العام 1996 ، وضع بنيامين نتنياهو ايران في سلم اولوياته. وحاول جر ادارة الرئيس كلنتون (1993-2001) ثم ادارة جورج بوش الابن (2001-2009) الى ضرب المواقع النووية ومنصات الصواريخ الايرانية وقتها كادت شارة الحرب تشتعل الى درجة ان الصحف ووسائل الاعلام الاميركية نشرت خرائط لتلك المواقع .
ففي كانون الثاني 2010 قال الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة الاميركية الوسطى، ان الولايات المتحدة وضعت خطة لضرب المنشآت النووية الايرانية، في اول تصريح محدد وواضح لمسؤول اميركي عن استعمال القوة في النزاع مع ايران حول اسلحتها النووية.
وقال بترايوس، في مقابلة لتلفزيون سي ان ان : نعم، بالتأكيد، يمكن ضربها في اشارة الى المواقع النووية الإيرانية، مشيرا الى ان الخطة جاهزة، وأضاف : ستكون القيادة الوسطي غير مسؤولة اذا لم تكن وضعت خططا لكل الاحتمالات، واذا لم تكن فكرت فيما يمكن ان يحدث . ورفض بترايوس شرح تفاصيل الخطة الاميركية كما رفض التعليق على سؤال حول نية اسرائيل ضرب هذه المواقع، ملمحا الى ان اسرائيل لا تملك قوة مثل القوة الاميركية لتدمير المواقع.
واشار بترايوس الى انه، يوجد وقت لحل المشكلة بالطرق الدبلوماسية. ولا يوجد تاريخ معين لنهاية فترة الحل الدبلوماسي، ولتنفيذ الخطط العسكرية.
الخطة تأجلت لكنها لم تُلغَ ، على الاقل من قائمة اولويات نتنياهو ومخططي المشروع الصهيوني .واضطر نتنياهو الى الرضوخ لتعليمات «الكبار» والاقل تهورا منه. ففي مخطط هؤلاء ثمة عدو لم يتم القضاء عليه نهائيا ولم يتم نزع فتيل خطره بالكامل على اسرائيل .نعني دول الطوق العربي ومنها العراق.
فقد تم شطب شعارات العرب بالقضاء على «الكيان الصهيوني» ورمي الاسرائيليين في البحر ، وذلك من خلال تحويل دول الطوق الى دول صديقة في اطار ما سمي بالسلام كمرحلة اولى، اما المرحلة التالية فقد تجسدت في تمزيق هذه الدول وتفتيت مكوناتها طائفيا وعرقيا وضرب اقتصاداتها وانهاكها في ما سمي «الربيع العربي « وايصالها الى مرحلة استبدال العدو الاسرائيلي الواضح للعيان وللتاريخ، وجوداً واحتلالاً واستيطاناً ، بالعدو الايراني المفترض .
وفي هذه الاثناء مررت اميركا الاتفاق النووي مع ايران ودلّلت طهران ليس حبا في الملالي بل لاستغلال الوقت ولتمهيد الطريق امام محاصرتها ولتكون الضربة قوية بما يكفي لازالة الخطر النووي الوحيد في المنطقة عن اسرائيل.
جاءت رياح الرئيس ترمب بما تشتهي سفن نتنياهو والمشروع الصهيوني . وها نحن نعود الى المربع الاول والخطر الاول على اسرائيل .
صحيفة الديلي تليغراف نشرت موضوعا عشية زيارة نتنياهو لبريطانيا قالت فيه إن نتنياهو أكد أنه سيسعى لعلاقات أكثر تقاربا مع بريطانيا في مواجهة ما سماه «العدوان الإيراني الواضح»..وتنقل التلغراف عن نتنياهو قوله «إننا في فترة فرص دبلوماسية وتحديات صعبة» موضحا أن الفرص تأتي من وجود إدارة مختلفة في كل من واشنطن ولندن، وسيسعى لتوطيد العلاقات مع الدولتين».وتؤكد الصحيفة أن أول الملفات على قائمة أولويات نتنياهو هو الملف الإيراني.
تنسجم تصريحات نتنياهو مع موقف ترمب من حيث اعطاء ايران الاولوية في قائمة اهتماماته الخارجية من ناحية ،ومن ناحية ثانية التصعيد ضدها واصفا اياها بالراعي الاول للارهاب في العالم وملوحا باعادة النظر بالاتفاق النووي.
سواء كانت ايران تناور في معاداتها لـ»الشيطان الاكبر» وتهديدها بـ «مسح الكيان الصهيوني من الوجود» او كانت جادة في ذلك بدافع الاسلام فعليها ان تقترب من الدول العربية الاسلامية لا ان يعميها غرور القوة وان يتباهى احد قادتها بان بلاده تسيطر على اربع دول عربية.
وعليها ان تطمئن العرب، جيرانها في الجغرافيا التي لا تتغير، بانها جمهورية اسلامية لا فارسية طامعة بالتوسع .عندها تترتب الاولويات العربية والايرانية بان عدوهم المشترك هو الكيان الدخيل على المنطقة، اسرائيل والمشروع الصهيوني .فنتيجة عدم ترتيب الاولويات خسر العرب استقرارهم واقتصادهم وقد تخسر ايران كل شيء..كل شيء !