صورة الدولة
النائب عبد المنعم العودات
08-02-2017 09:27 AM
للدولة صورة يجب أن تحافظ عليها، وتصونها كلما تعرضت لأي نوع من التشويه وتلك الصورة الكلية تتكون من صور أخرى تصنعها السلطات الثلاث، التي يتوجب عليها أن تفكر مليا في الانطباعات التي تتشكل عنها لدى الرأي العام.
وبصفتي أحد أعضاء مجلس النواب الحالي، والمجلس السابق، أجد نفسي معنيا بصورة المجلس، وصورة الحكومة أيضا، فتلك العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تقوم على منظومة من القواعد الدستورية والأعراف والتقاليد، وعلى الالتزام بالمصالح العليا للدولة، أي أن التداول بين السلطتين حول مشاريع القوانين أو الرقابة على الأداء الحكومي يجب أن ترقى دائما إلى مستوى المسؤولية، سواء في عرض موقف الحكومة أمام النواب أو مناقشة النواب للحكومة.
الحكومة مسؤولة عن صورتها التي أتمنى دائما أن أراها في أبهى ملامحها، وفي المقابل مجلس النواب مسؤول كذلك عن صورته التي تعكسها وسائل الإعلام كل يوم، لتركز على ما هو غير عادي، خاصة عندما يحتدم النقاش، أو يحدث نوع من التجاوز في التخاطب بين النواب والوزراء، ولا أشير إلى حادثة بعينها، ولكنني أعبر عن شعور ينتابني كلما وقع نوع من التجاوز في التعبير، بما في ذلك النبرات الحادة والعصبية غير المبررة، اعتقادا مني بأن صورة الدولة المتزنة يجب الحفاظ عليها.
أحد الأسباب التي تدفعني إلى التعليق أحيانا على بعض ما يتعارض مع النظام الداخلي والسلوك البرلماني، هو إداراكي للأثر السلبي الذي يتركه ذلك على المجتمع، فبدل أن نعزز مفهوم الحوار الايجابي، والنقاش الموضوعي، واحترام الرأي والرأي الآخر، فإن البعض منا يساهم في تصعيد وتيرة الغضب، والخروج عن قواعد التعامل الصحيحة، وبذلك تفقد الحكومة، ويفقد المجلس بعضا من الهيبة والوقار بما يؤذي الصورة العامة للدولة!
ثمة خلل في المصطلحات التي يتم استخدامها للتعبير عن طبيعة العلاقة بين مجلس النواب والحكومة، وهي في الأصل علاقة حددها الدستور في التشريع والرقابة على السلطة التفيذيية صاحبة الولاية العامة، ولكن مجلس الأمة في الواقع هو الذي يرسم السياسات العامة من خلال التشريعات التي يقرها في جميع المجالات والقطاعات المختلفة، وبالتالي فإن الرقابة هي على مدى التزام الحكومة بتنفيذ تلك السياسات، وليس مشاركتها في إدارة الشؤون العامة.
لقد أسيء فهم التشاركية، ولم يتم التمعن في مفهوم التكامل في اطار فصل السلطات وهو ما ينتج عنه هذا القدر الزائد من سوء التفاهم، عندما يعتقد النائب مثلا أنه يقوم مقام الوزير، أو أن يعتقد الوزير أن أسئلة النائب وملاحظاته هي تدخُل في طريقة إدارته لوزارته، أو أنه مستهدف لشخصه، وليس لمنصبه ومسؤولياته التي هي من صميم مسؤوليات مجلس النواب، فالنواب يخاطبون منصب ومهام الوزير وليس شخصه بالتأكيد، ولعل الشعور بالشخصنة نابعٌ من طريقة التخاطبِ التي لا بد من مراجعتها من زاوية الحفاظ على الصورة التي أشرتُ إليها.
من الأهمية بمكان أن نأخذ في الاعتبار البعد الأهم والأعمق لمكانة الدولة في اطارها الإقليمي والدولي، خاصة وأن التطورات المحتملة في هذه المنطقة مفتوحة على احتمالات كثيرة، وكلنا يعرف حجم المسؤوليات التي يتحملها جلالة الملك عبدالله الثاني والاحترام الذي يحظى به على جميع المستويات، ويكفي أن أشير إلى محادثاته الأخيرة في موسكو وواشنطن، وما رأيناه من حضور قوي لقائدنا في هذه اللحظة الصعبة والمعقدة من تاريخ المنطقة، بل و العالم كله، حتى ندرك أهمية صورة الدولة التي يقودها، إلى جانب مشروعيته وحنكته وخبرته، كأحد أهم القادة الذين يُسمع رأيهم باحترام وانتباه شديدين.
فمن غير المعقول ولا المقبول ألا نعمل جميعاً لكي تتحد صورة قوة الدولة، وحسنُ أداء سلطاتها ومؤسساتها مع صورة الملك الذي يحثُّنا جميعا على التعاون والتكامل والتضامن لحل مشكلاتنا الداخلية، وصيانة أمننا واستقرارنا، وضمان ازدهار بلدنا وتقدمها.
الراي