ما أراه اليوم هو أن الوزراء لا يشبهون إلا أعضاء الـ"كورال" الذين كانوا يقفون وراء الفنانين العظام في ذلك الزمن الجميل!
مثلا، حين غنت سميرة توفيق: "بسّك تجي حارتنا"، كان الـ"كورال" خلفها يرددون فقط إما "يا عيوني" أو "هالله هالله"، وليس لهم أي دور غير ذلك. ونذكر أغنيتها الجميلة: "بسّك تجي حارتنا... ياعيوني... وتتلفت حوالينا... هالله هالله... عينك على جارتنا... يا عيوني... ولا عينك علينا... هالله هالله".
وحين قال رئيس الوزراء د. هاني الملقي: "بدنا نرفع البنزين"، قال له الوزراء: "يا عيوني". فقال لهم: "ونتلفت حوالينا"، فرددوا خلفه منبهرين: "هالله هالله". وحين وجههم قائلا: "عينكم على الإنترنت"، قالوا له: "يا عيوني". وعندما أضاف: "ولا عينكم عالكهربا"، هنا انفعلوا وردوا: "هالله هالله"!
في بعض الأغاني يكون دور الـ"كورال" حماسياً. فمثلا، في أغنية "يا مارق عالطواحين"، كان الـ"كورال" يرددون فقط: هااااي... هااااي. فينفعل "الدبيكة" المرافقون للمطرب عند سماعهم: "هااااي". أو مثلا في "الصحجة"، يكون دور البعض فقط ترديد: "هيهي... هيهي... هيهي" فتنفعل الحاشية وينفعل العريس والمدعوون، ويصاب 13 شخصاً من جراء إطلاق العيارات النارية بسبب "هيهي... هيهي... هيهي"!
في جلسات مجلس الوزراء، أعتقد أن الصورة مشابهة تماما. فحين يمرر رئيس الوزراء، وهو متخوّف، قرارات رفع الأسعار، أتخيل أن الوزراء يثيرون حماسة الرئيس بأن يقولوا له: "هااااي... هااااي"؛ فيشعر الرئيس بالاطمئنان، وبدل أن يكتفي برفع أسعار البنزين، يقرر رفع أسعار الإنترنت وجوز الهند وسواهما، خصوصا إذا ما قالوا له: "هيهي... هيهي... هيهي"!
في حالات معينة، ينفعل الـ"كورال" أكثر من الفنان نفسه. فمثلا، في أغنية فهد بلان "واشرح لها... عن حالتي... روحي عليلة لأجلها"، كان الـ"كورال" يرددون المقطع بنبرة أعلى من صوت الفنان، كأنهم هم من يريدون أن يشرحوا لها عن حالتهم.
وفي بعض قرارات مجلس الوزراء حين كان الرئيس يشرح لهم عن حالته، وأنه يعاني بسبب ازدياد العجز، كان في بال الرئيس أن يقرر، مثلا، فرض ضريبة على البنزين قدرها خمسة قروش، لكن انفعل الوزراء أكثر من الرئيس نفسه، وطالبوا بأن تكون سبعة قروش!
في جميع المواويل، لا يكاد الفنان يبدأ بـ"أوووف... أوووف"، حتى يرد عليه الـ"كورال" مباشرة: "أوووف". فيعيد الفنان مرة أخرى، باستهجان، الـ"أوووف". الكورال بلا أدنى معارضة يرد عليه: "أوووف". فيطيل الفنان الـ"أوووووووووووف". ليردوا عليه: "أوووف". فيقصر الفنان الـ"أوووف"، فيردون عليه: "أوووف". تدمع أعين الفنان من الـ"أوووف"، فلا يتحركون ولا يعطونه منديلا، ويقولون له فقط: "أوووف". يشعر الفنان بالمغص وهو على المسرح يقول: "أوووف"، فلا يبادر أحد من الـ"كورال" بإسعافه، بل يقولون فقط: "أوووف"!
كثير من وزرائنا مثل جماعة الـ"أوووف"؛ لا توجد لدى غالبيتهم رؤية أو خطة تختلف عن توجهات الرئيس، مع أن من الطبيعي أن يختلف وزير معه، كونه الأعلم بشؤون وزارته، ويدرك مدى تأثير بعض قرارات رفع الضرائب في القطاع الذي يشرف عليه. فلماذا لا يدافع الوزراء عموماً في الأردن عن وجهة نظرهم ويعارضون معنا؟!
حتى حين خفض رواتبهم، طرب الوزراء لموال الرئيس وقالوا له: "أوووف"!
الغد