شاهدت منذ فترة فيديو لم تتجاوز مدته الدقيقتين بعنوان تعري البيوت استوقفني العنوان كثيرا قبل مشاهدته وقلت باندهاش كيف للبيوت ان تتعرى وعندما شاهدته وجدت أننا للاسف أصبحنا فعلا في زمن تعرت فيه كل البيوت عندما أصبحت خصوصيات الناس ومشاعرهم وتفاصيل حياتهم متناثره برخص على مواقع التواصل الاجتماعي (عم ناكل بالمكان الفلاني ...أنا الان في المكان الفلاني ...الان وصلت للبيت ...اشتريت كذا ...وصلني كذا ...طبخت كذا ....زوجي جابلي ...طالعه انا وخطيبي ....انا مريضه ... وكل ذلك مع صور طبعا .) وغيرها من السلوكيات المستفزة والتي ان عبرت تعبر عن نقص يحاولون اخفائه بالتظاهر والتباهي بأمور سخيفه كان الانسان يتباهى بفكره ومنطقه وعلمه وكتاباته الان يتفاخر بأطباق الطعام وبالملابس الجديده وبزيارته للمطعم الفلاني لأن كل ما يملكه هي البراويز التي يضع نفسه فيها ليخفي النقص الذي بداخله وفراغ الفكر والعاطفة .
قد يسعى الكثيرين لنشر معلوماتهم ومشاعرهم حبا في الظهور ولا يعلمون انهم بذلك يفقدون متعه اللحظه التي يعيشونها اصبحت مشاعرهم مزيفة يتظاهرون بها فقط لكي يشعروا من حولهم انهم سعداء ولكنهم في الحقيقه ليسوا كذلك لانهم فضلوا ان يختصروا اللحظه بتصويرها ونشرها والرد على التعليقات بدل ان يستمتعوا بها ويعيشوها كامله .
مالهدف ؟؟وما الفائده من أن يعرف الملايين اين انت الان ومشاعرك اتجاه فلان وماذا اكلت واين ستذهب وماذا اشتريت ؟؟؟
ما الهدف ان تبالغ في كل تصرف في حياتك لكي تظهره للآخرين ان تكون على سرير بالمستشفى تعاني من الوجع وبدل ان تستغل وقتك بالدعاء لكي يخلصك الله ويشفيك تصور وتقول للناس ادعولي !!!!!
ان تكون بقمه الجوع وبدل ان تأكل بكل بساطه تبروز الطاوله لكي تصورها وتنشرها فقدنا البركه في كل شيء ببساطه لاننا فقدنا خصوصيتنا واصبحت حياتنا مجرد براويز وصور وتعليقات كأجساد تعيش بلا حياه او روح.
الله يرحم جداتنا كانوا يقولون من تباهى كثيرا بما لديه امام الناس يكون انسان شبع بعد جوع كان التباهي المبالغ فيه منبوذ من الناس ويعتبر من التصرفات المخزيه التي تعبر عن نقص وجهل فكيف لو عاشوا وشاهدوا ما نشاهده يوميا !!!!
أصبح هناك فجوة بين معنى الخصوصيه في السابق والآن كنا نختار وبعنايه ودقه من يشاركنا حياتنا او يعرف تفاصيلها حتى صورنا كان ألبوم الصور يحفظ بأعلى أدراج الخزانه كي لا يضيع أو يقع بيد أحد باعتباره من الخصوصيات الهامه الغير مسموح لأحد الاقتراب منها اذكر ان من أجمل لحظات طفولتنا عندما كانت جدتي رحمها الله تخرج صندوق الصور بعد أن نتوسل لها فتجلسنا حولها وتفتح الصندوق وكأنه صندوق كنز ثمين فرح ودهشه وضحكات لم تعد موجوده الآن كانت ترافقنا في تلك الجلسة اليوم لا داعي لأن تسأل عن فلان فأنت تعرف أين هو ومع من وماذا أكل وماذا اشترى ومن اصدقائه والاكثر استفزازا للمشاعر الصور التي تلتقط في دور العزاء لامبالاه وقله احترام للميت واهله عندما تجد الصور متواليه وعنوانها نحن الان في دار عزاء فلان حتى هذا الواجب الذي فيه الكثير من الاجر لان الهدف منه المواساه والتخفيف عن شخص مفجوع بفقدان عزيز أصبح مجرد فرصه للتباهي .
ويتعجبون لماذا فقدنا البركة في حياتنا بكل بساطة لأننا اصبحنا نعيش حياه سطحيه غير حقيقيه نتظاهر فيها بالمثاليه طوال الوقت لانها أصبحت مجرد منشور على الفيسبوك والانستغرام متاحه برخص لملايين البشر الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم فقدت حياتنا تلك القدسية التي كان اجدادنا يحافظون فيها على بيوتهم وخصوصياتهم من الناس لانها بنظرهم تعبر عن قيمهم واخلاقهم في حمايه بيوتهم وما فيها .
كل الاحترام لمن أعد هذا الفيديو وقد كان عنوانا عبقريا أثر بي كثيرا ففعلا أصبحنا في زمن تعرت البيوت وتعرت الانسانية من المشاعر الحقيقية ...فكفاكم تعري واحترموا حياتكم ومشاعركم واجعلوا لها قيمة بدل أن تكون مجرد منشورات على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي اجلس مع من تحب وقل له بحب أنا احبك سيكون تأثيرها أكبر واعمق بكثير من ان تكتب للناس فلان حبيبي وهو فاقد هذا الاحساس بينك وبينه اذهب لامك وقبلها هذا اعمق بكثير من الألف منشور التي تنشر يوميا وتقول الام جنتي وهي بالواقع لا تراك ولا تسمع منك كلمه طيبه عيشوا الحياه بدل ان تهدروها بهذا الشكل المؤذي .