ينتظر المواطن الاردني بشراهة مشروعة معرفة نتائج الجولة الملكية على عواصم الفعل العالمي لارتباط نتائج هذه الجولة بمستقبله الوطني وارتباطها بمساره الحياتي اليومي، وسط هواجس مشروعة بحكم اشتعال الجوار وارتداد هذا الاشتعال على شراييننا الرئيسة الواصلة الى اوروبا عبر الجغرافية السورية والى العراق بعد ان نمت في الاردن صناعات وقطاعات تجارية على حوافه، كما يشكل قدوم رئيس جديد للولايات المتحدة غير تقليدي ويحتكم الى منهج غير مألوف وغير متوقع في السياسة كما سابقيه اضافة الى تركيبته الشخصية الصدامية او الانفعالية كما تشير تغريداته وتصريحاته ايضا هاجسا مضافا الى الهواجس السابقة .
كل ذلك كان حاضرا في ذهن الملك وهو يلتقي مجموعة اعلامية متنوعة، تلفزيونية واذاعية وصحفية، لنقل تطمينات الى المواطن الاردني الذي ينتظر التطمينات من الملك مباشرة بحكم ثقته العالية بالملك وثقته بحصافته وعلاقاته الثرية مع المجتمع الدولي المبنية على الاحترام والمشروعية القادمة من عميق التحليل للاقليم وهواجسه وصدقية السياسة الملكية بانحيازها الى منهج قوة الاخلاق ومهابة الانحياز الى الانسان العربي وقضاياه المركزية، ورغم الاجهاد الواضح على الملك الا ان الثقة والتفاؤل بالمستقبل القريب حاضرة في تصريحاته .
الوضع الخارجي للاردن اكثر من مطمئن فالعالم يعرف ضرورة الاستقرار له ولمواطنيه، ويعرف اكثر اهمية هذا الاستقرار للاقليم بمجمله، فالاردن بات قاعدة التوازن الاقليمي وموطن الحلول للازمات بحكم امتلاك الاردن وقيادته مشروعا واضحا وشموليا من ازمة الارهاب وعصابات الخوارج وارتباط تلك الازمات بجوهر الصراع الحقيقي في الاقليم الكامن في عدم منح الامل بحل عادل للقضية الفلسطينية التي ستبقى محور التفاؤل او محور الانغلاق لمستقبل المنطقة .
الملف الفلسطيني والملف السوري حضرا بقوة في الجولة الملكية مع ارتباطهما بالاجندة الوطنية التي تفرض بالضرورة فتح الملف العراقي حتى يستقيم الواقع على قاعدة المثلث وليس على رأسه المدبب كما هو الحاصل اليوم، فالحل السياسي هو العنوان الرئيس لاضلاع المثلث المنأزم والمأزوم بحكم التفكير بالقطعة لازماته والتعامل مع ملفاته المتشابكة بنهج عمال المياومة حتى ازدادت التشابكات وتعقدت الخطوط رغم التحذيرات الاردنية المبكرة جدا من تحذير الهلال الشيعي بمعناه السياسي وليس بمعناه الطائفي كما حاول البعض تحريفه وتأويله الى ضرورة اعلاء قيمة الحل السياسي في سوريا وعدم قطع العلاقات معها وحل الدولتين غربي النهر .
على المسار العراقي يبدو ان الربيع الاردني سيشهد اخضرارا لطريق عمان – بغداد الدولي وعودة العجلات الى الدوران فلا تحفظات ايرانية على ذلك وهناك مصلحة عراقية لعودة نشاطه وينطبق مفهوم الاخضرار على حدودنا الجنوبية مع الشقيقة سوريا ولكن ليس بنفس سرعة ووتيرة العراق، لكن الطريق الى اوروبا باتت قريبة مع فسحة لتواصل اقتصادي مع المناطق الآمنة في سورية فقواتنا المسلحة جاهزة لحماية حدودنا الجنوبية ومناطقها الامنة ويبدو ان التنسيق مع النظام السوري متحقق بضمانة روسية، وغربي النهر هناك انتظار لمخرجات لقاء الرئيس الامريكي مع نتنياهو ويبدو ان عودة الملك الى واشنطن ستكون خلال اسبوعين بعد لقاء الرئيس الامريكي مع نتنياهو ما يعني ان الكماشة الاردنية حاضرة قبل وبعد اللقاء .
داخليا لا يشغل بال الملك امر اكثر من الفقر والبطالة وتخفيف الاعباء على المواطن، فثمة حوارات من العيار الثقيل مع البنك الدولي، ووعودات بدعم دولي للاردن وقمة سعودية اردنية قبل القمة العربية هذا على المستوى الخارجي، اما داخليا فثمة اجراءات حاسمة ورادعة لوقف الهدر ومحاربة الفساد والاعلان عنه دون ترميز او تشفير ودون انتظار المواقيت والأهلة فمن لا يعمل سيخرج بسرعة ومن يفسد سيحاسب علانية، وهناك اسواق جديدة مفتوحة امام التجارة والصناعة الاردنية في افريقيا العربية والافريقية .
التفاؤل الملكي واضح وينتظر اعلاء الهمة الاردنية في تغيير سلوكيات ومسلكيات اجتماعية تبتعد عن نهش الجسد الوطني والتوجه نحو التعليم المهني المتقدم والعمل التقني والمهني وتجويد التعليم ومخرجاته واستثمار الفرص وضبط الايقاع العام والخاص على النغمة الوطنية .
omarkallab@yahoo.com
الدستور