عواصف أخلاقية تضرب شواطئ خجلنا
01-11-2008 02:00 AM
لم يكد المتابع للشأن الأردني ان يستفق من صفعة منظمة "هيومن رايتس ووتش " حتى تناوله تقرير " أمنستي " بصفعة أخرى على خد الصمت الذي اعتدناه في هذا البلد الذي يكاد يخيل لمن يقرأ التقارير الأممية عنه إنه جزء من رواندا أو محاذ لسراييفو التي قتل الصرب فيها وخلال أربعة أيام ثمانية آلاف رجل واغتصبت 3 آلاف امرأة مسلمة وسط صمت العالم ، ووسط مذابح وتجاوزات لا تقبل عند جماعة زومبي وأكلة لحوم البشر .
المشكلة اليوم هي عند " الخالات " الخادمات القادمات عبر البحار من شرق آسيا لطلب الرزق في بلد يبحث هو وأهله عن الرزق أيضا داخله وفي اصقاع المعمورة ، والخادمات كمشكلة بعيدة عن الاضطهاد ومزاعم خرق حقوق الإنسان ، هي مشكلة اجتماعية بالدرجة الأولى ، كيف لا وهناك جيل كامل تربى على أياديهن فأصبح الطفل شابا والخادمة هي نسخة هجينة عن الأم فتربي وتعتني وتطعم الطفل وتؤثر على سلوكياته ، وأحيانا لا تهتم لها ، تبعا لسلوكياتها هي .
تخيلوا لو أن الزمن غدر بنا غدرته وتبادلنا الأدوار مع تلك النسوة ، ورأينا ان 70 ألف فتاة أردنية من بنات العوائل والعشائر والحمائل والسادة الأفاضل يوجدن في سريلانكا أو إندونيسيا أو الفليبين للعمل كخادمات ، وأهلهن من " مبرومي الشوارب " ينتظرون أخبارهن وتحويلاتهن المالية .. كيف سيكون المشهد ؟ ! من منا يقبل على كرامته ومروءته أن تهان امرأة غريبة في بيته ، بل امرأة من أهل بيته ، فكيف بها إن كانت غريبة دار ومربية صغار وخادمة تكد ليلا ونهار لترعى شؤون المنزل وتلبية طلبات الأسرة ..
حتى العبيد في زمن العبيد لم تقبل مروءة العرب على إهانتهم .. بل إن البدو يعتبرون من يعتدي على الخادم أو العبد ارتكب جرما أكبر من اعتداءه على الفارس ، والاعتداء على المرأة في قضاءهم يعتبر جناية لا تغتفر ، وقتلها يعتبر " دغيلة " أي غدر ويعادل إزهاق روح المرأة عند البدو بأربع رقاب مغلظة ، وديتها دية أربع رقاب ..أي أربعة رجال من رؤوس قومهم .. فكيف لبشر وصلوا ما وصلوا من تقدمية فكرية وثقافية وعلمية ، ان يعتدوا غصبا ويأكلوا سحتا ، ويرتكبوا كبيرة ، بحق نسوة لا حول لهن ولا قوة جاءت بهن ظروف معيشية تبكي الصغير وتكمد الكبير .
أقولها هنا دفاعا باردا عن بنات العشائر والعائلات السريلانكيات والإندونيسيات والفليبينيات ومن لف لفهن وجاء مجيئهن ، على وجه الفقر ومطية الحاجة ، وكف الغربة ، ولا أعتقد إن شعبا كشعبنا الذي ائتلف من كل صوب وقاع ، ودين وعرق ، ومشرب ومنهج ، حتى غدا أسرة كبيرة وعائلة واحدة وهم ّ وفم ّ واحد ، لا اعتقد انه يضام عنده غريب ، ولا يهان في بيوتهم امرأة لا حول لها ولا قوة ، ولا تقبل أسرة شريفة من هذا الشعب الطيب ان تطعم أبناءها جمرة هي في الأصل لقمة حق لتلك الضعيفة الخادمة .! ولكن في المقابل وحتى لا يصبح حالنا كحال من سبقونا بالاستقدام والاستخدام من أخوتنا في الخليج ، حتى طغت ثقافة العمالة الآسيوية الوافدة على ثقافة الشارع عندهم وذابت وجوه أهل المدينة في وجوه تلك العمالة ، وأصبحت ألسنهم تلحن بالعربية وتنحو نحو العربية الآسيوية الهجينة ، لا بد لنا من وقفة نعيد فيها دور المرأة الأردنية كأم وربة بيت ومربية وصانعة رجال ، كما كان حالهن في وقت مضى ، قبل ان تدخل الرفاهية الكاذبة بيوتنا ، وتتذرع المرأة بحق العمل والراحة المخملية على حساب الأسرة والتربية والتعليم للجيل . ولنا أن نرى أيضا ، ومن خلال تقارير أمنية أيضا عدد الخادمات وخاصة من الفلبين وسريلانكا اللواتي تسببن بمشكلات وخرجن عن المألوف وجررن وراءهن عددا من أذيال الجريمة ، أصغرها السرقة وليس من أكبرها الحمل سفاحا ..
وحتى ننتصر الى قضائنا فإن الواجبات المفروضة على الوافد ليست بقدر الواجبات المفروضة على المواطن ، بينما الجميع وافد وراقد متساوون أمام القضاء ، وتطبق عليهم نفس الأحكام والقوانين المرعية في البلد .. وهذا يدفعنا الى التشكيك بمصداقية التقارير التي تكالبت علينا من كل صوب وحدب تنتقد حقوق الإنسان ، فمع التسليم بحدوث خروقات لا يمكن الصمت عنها ، إلا إن إثارة القضية على مستويات دولية وربطها بالمساعدات الخارجية للأردن هو ضرب من الحرب السياسية التي تمارس ضد هذا البلد . فإن كنا نحن أبناءه ، وخدمنا طيلة العمر فيه ، ولم تتطلع عيوننا الى بلاد أخرى تغرينا بالعيش الرغيد والحرية الفردية المطلقة ، لم نحقق الجزء البسيط من أبسط حقوقنا في ظل تزاحم أصحاب المصالح والمناصب والرعايات الحكومية غير المنصفة على هذا الشعب الدائخ عشقا ..
فلماذا تتصدى منظمة العفو الدولية ومراقبة حقوق الإنسان والمنظمات المحلية التي أصبحت كأفعى البيت بعدما ربت وفغرت فاها وبرت أنيابها بعدما شبعت من بيض وحليب المنظمات العالمية ، لتنفث سمها في بئرنا .. أقول لماذا تتصدى كل تلك المنابر الحقوقية لسجناء انتهت بهم الأحكام الى السجون ، وحقوق عدد بسيط من الخادمات ما يشكل حالات فردية تسترعي الانتباه ولا تشكل ظاهرة ، بينما هناك حقوق كثيرة ، ومطالب وفيرة ، ولافتات كبيرة كبيرة تختص بحقوق الشعوب أصغرها وأكبرها ، ثم لا تلتفت لها تلك " المكاتب الحقوقية " التي تعتمد على تقارير أشخاص ، وتقذف الرعب في قلوب حقائقنا . ونسأل هنا ..
كيف لفت انتباه المنظمة ان هناك عشرة خادمات ينتحرن سنويا في الأردن ، من بين أربعين منتحرا أردنيا ؟ أليس حريا بالمنظمة وبنا أن نسأل لماذا ينتحر هذا العدد من البشر عندنا .. هذا إن صدقت الإحصائية ، وأقولها وأنا مورّد للأخبار ومصّدر ، فهل تخفي عنا الحكومة شيء ؟ وهل هناك خطر نائم بين أحضاننا لا نعلم عنه ؟ سأترك الإجابات ، وتفنيد التقرير ، أو المصادقة على ما جاء فيه للمؤسسات الرسمية الأردنية السباقة الى الرد على تقارير المنظمات الخارجية ، وإغفال دور الرقابة الداخلية ، لتبقى مهمتنا دائما انتظار السائل كي نجيب ، فما هو دور المركز الوطني لحقوق الإنسان من إعلان شهري لكل واقعة تحدث في الأردن وتتعلق بحقوق الناس وتجاوزات بعضهم على بعض .
Royal430@hotmail.com