ملاحظتان الى المجلس القضائي
المحامي محمد الصبيحي
30-10-2008 03:00 AM
صرفت الحكومة علاوة تضخم لموظفي الدولة قبل أشهر وقيل أنها بلغت خمسة وأربعون دينارا ولم تصرف للقضاة وكأنهم خارج دائرة التضخم أو ترتبط رواتبهم برواتب موظفي كوكب زحل , وقبل أيام صرفت الحكومة تلك العلاوة للقضاة الشرعيين وبأثر رجعي , وبقي قضاتنا النظاميون يسمعون وربما يتهامسون بالامر لأن العرف القضائي ألا يطالب القضاة بحقوقهم وأن يكون القاضي أبكما عندما يتعلق الظلم بحقه .
وقبل أيام خصصت وزارة الاوقاف ثلاثماية تأشيرة حج لدائرة قاضي القضاة لتخصيصها للقضاة الشرعيين وموظفي الدائرة , الامر الذي يدفعني للتساءل متهكما عما اذا كانت فريضة الحج قد أستثنت القضاة النظاميين أو أن القضاة الشرعيون يمثلون الدين والنظاميون يمثلون الدنيا وبالتالي فلا ضرورة لذهاب أحد منهم للحج .
يبدو أن الفرق بين القضائين أن مجلس القضاء الشرعي متكاتف ولا يؤمن بالسكوت ويطالب للقضاة الشرعيين بكل ما من شأنهم تحسين ظروف العمل والمعيشة على حد سواء في حين أن مجلس القضاء النظامي ما زال مقيدا بأعراف تغير الزمن ولم يجرؤ أحد على كسر سلبيتها , وأن السادة أعضاء مجلس القضاء النظامي يعرفون جيدا أن أستقلال جهازهم القضائي أستقلال منقوص بسلطات وزير ووزارة العدل ومع ذلك لم نسمع أنهم قدموا رؤية متكاملة لأنجاز مشروع حديث لأستقلال القضاء يتضمن موازنة وأمانة عامة بما ينأى بالقضاة وأعوانهم عن تأثير وروتين وزارة العدل .
الملاحظة الثانية وفي ضوء ما يثار في الاعلام بين وقت وأخر عن البطء في فصل القضايا المنظورة أمام المحاكم , ومن أجل تلافي ذلك فقد تحول الامر الى عبء ضاغط على القضاة وبالذات قضاة الصلح حتى بتنا نشهد سباقا محموما بين القاضي والمحامي عندما تقترب نهاية الشهر , فالقاضي يريد أن يرفع رصيده من القضايا المفصولة في التقرير الشهري والمحامي يريد وقته في تقديم مرافعته أو مراعاة لظروف موكله . ويوم أمس الاربعاء أضطر محام لترك قضيتين أمام قاض الصلح في أحدى محاكم عمان لأن القاضي رفض معذرة غياب المشتكى عليه وطلب من المشتكي تقديم البينة والترافع في نفس الجلسة التي رفعت لليوم التالي لأصدار القرار , وهكذا فاتت الفرصة على المشتكى عليه المريض للدفاع عن نفسه لأن القاضي يريد فصل القضيتين قبل نهاية هذا اليوم الخميس الثلاثين من أكتوبر ليردا في تقريره الشهري .
أنني أخشى أن يرفع هذا السباق مع التقارير الشهرية شعار ( السرعة على حساب العدالة ) .