احالة محاسب من الاوقاف بتهمة اختلاس ربع مليون دينار، خطوة جيدة، لانها تقول ان لاحماية للفساد، وهذا هو الامر الواجب نفيه اليوم، اي حماية الفساد، خصوصا، ان هناك عشرات الملفات الاخرى، التي تم طيها، او تجاوزها، مما ولد شعورا قويا، ان هناك حماية من نوع ما، او مايصح وصفه بالتعامي عن حالات الفساد المختلفة.
مايمكن قوله اليوم، بكل بساطة، ان الاحساس بوجود حماية للفساد، مكلف اكثر بكثير، من كلفة الفساد ذاته،وهذا الامر يتوجب التنبه له على كل المستويات.
في قصة الاوقاف، ما يذهل المرء، فحتى مال الله، تتم سرقته، ونحن نعرف ان اموال الاوقاف، مخصصة لقضايا محددة، كلها ترتبط بالدين، فإذا كانت هكذا اموال لا تنجو من السرقة، فماذا نقول ايضا، عن بقية الاموال المشكوك في نهبها او سرقتها، عبر سنين متواصلة.
المهمة الاخطر امام الدولة، استعادة ثقة الناس، لان هذه الثقة تبددت، جراء الممارسات الحكومية، وبسبب قضايا الفساد، التي يعتبر كثيرون، انه تم التستر عليها، او محاولة تجاوزها، وتولد الشعور ان هناك حماية، يكلف الدولة كل تاريخها وارثها وعلاقتها مع الناس.
على ما يفترض ان يثبت كثيرون ان لا احد مدعوما، ولا احد كبيرا في هكذا قضايا، وان لا استثناءات، فيتم احالة فلان للمحاكمة ولاستعادة المال، ويتم ترك علان، فهذه انتقائية لا يمكن تبريرها، ولا تحت اي عنوان.
اذا عدنا الى شعارات الحراكات ذات زمن، فإن اغلبها يرتبط بقضايا الفساد، ولا بد ان نعترف ان الخطاب الرسمي في هذا الملف لم يكن مقنعا، بل كان ضعيفا، ويميل الى التواري بعيدا عن اثارة هذه الملفات، وهذا الامر بحد ذاته تسبب بنقمة، وشعور ان اموال البلد يتم نهبها، فيما كلفة النهب، يدفعها ضعفاء الناس، عبر قرارات اقتصادية، تفترض ان على المواطن وحده، حل كل مشاكل الخزينة المالية، فيما المواطن لا يمانع بهكذا دور، لولا ثقته ان هناك من ينهب ويسرق ويثري على حسابه.
ملف الفساد، ملف مكلف، حماية الفاسدين، أكانت فعلية أم ظنية، كلفتها مرتفعة، والأصل أن لا كبير امام ملفات الفساد، من محاسب الأوقاف وصولا الى من هو اهم، مرورا بالمرتشي الصغير بينهما.
الدستور