من السهولة ان نشاهد إنسانا ناجحا بارعا في مجال ما، ولكن من اللامعقول أن نجد رجلا لا يفارقه النجاح اينما حل وارتحل، قاموسه لا يحتوي على مفردة (فشل) وعقله الباطن لا يعترف بفارق القدرات ولا بقلة الإمكانيات، يصنع من العجز قوّة ويخلق من الهمس صخبا.
وهذه العبارات قادتني الى تذكر تنويه جلالة الملك حفظة الله ورعاه يوما للحكومة بضرورة التحاور مع المواطنين وبناء جسور التواصل معهم من خلال النزول إلى الميدان لسماع مشاكلهم وهمومهم وشرح استراتيجيات عمل الحكومة والخطط الرامية الى تحسين حياة المواطن وتخفيف الأعباء عنه.
ومن جهة اخرى الكل يعلم ان الشارع الاردني متعطش لرؤية مسؤول يمشي بينهم ويأكل معهم ويشاركهم الحديث في أحيائهم الشعبية، يسمع منهم همومهم واحزانهم ويرتل على اكتافهم، ويشرح لهم حجم التحديات التي يمر بها وطننا العزيز، ويعطيهم جرعات من التفاؤل والامل التي لا يمكن ان تتحقق الا بوقوفنا معا شعبا وحكومة وقيادة للوصول الى شواطئ السعادة والامان.
وبينما نراقب أعمال الحكومة و وزراءها عن بعد لفت انتباهي شعاع متميز بينهم في عطائه وذكائه وحبة لعمله، أعطى من وقته وجهده ما يليق بمركزه وحبه للوطن ولقيادته وشعبه، رجل يعمل بكل تواضع ويفيض نشاطا وحيوية، يتسلح بمبادئ الشجاعة والحس بالمسؤولية بصورة تعكس أصالة وحسن وطيب الانتماء للوطن، جعلني أقف احتراما لفكره المستنير.
فمنذ تولي علي الغزاوي حقبة وزارة العمل وعطاؤه لا ينضب وتحركاته لا تهدأ، فتارة نجده في أوقات الصباح الباكر يقف على الدواوير التي تملؤها العمالة الوافدة مراقبا، وتارة نجده في منتصف الليل متخفيا يتجول في الأسواق المركزية متابعا كل الملاحظات التي تصله شخصيا، حتى وصل به الأمر إلى التخلي عن رائحة عطر مكتبه الخاص لتشوقه لشم رائحة عطر عرق العمال الأردنيين في الشوارع والعمارات والمخابز في مختلف المحافظات والاطمئنان عليهم وتعزيز انتصاراتهم على قسوة الحياة والظروف التي نمر بها.
وبعد ان رأيت ابداعاته وانجازاته أثارت طموحي للسير على خطاه، فالكتابة عن المتميزين نوع من الاعتراف بالجميل والعرفان والطموح للوصول الى ما وصلوا، فربما تخذلني العبارات لأكتشف ان للنجاح مقاييس لا تخضع للذكاء او التفوق بقدر ما تخضع لحب واحترام الاخرين، فهو لديه القدرة على صياغة ما يدور في الاذهان وتحويلها الى قرارات قابلة للتطبيق، ويشعر بالمواطنة التي تدفعه الى بذل المزيد من العطاء، وايضا سياسي الفطرة؛ علم كل من حوله حب العمل والعطاء بلا حدود والتميز في الاداء وحب الوطن والولاء للقيادة.
كان وما زال حرصه دائماً على الإنجاز حتى صار النجاح سمة بارزة في مسيرته، والمهمات في تقديره مقدسة يجب الانتهاء منها في حينها، والنهايات لأعماله دائماً يتلقى الشكر بشأنها فلا تجده الا مبتسماً وهو يقضي ذلك اليوم المليء بالمهمات، وحينما تكون الأعمال متراكمة فنهاره يأخذ من ليله، وأُسرته قد تنازلت عن حقها تقديراً لطموحاته وإخلاصه، فهؤلاء هم الرجال الذين بهم تسعد الأمة ليتحقق على يديها العزة والرفعة.
هؤلاء يولدون كبارا وسيبقون كذلك حتى يصبحوا فوق النسيان، يتركون بصمات في كل درب يسلكونه، موجودون في الأفئدة محبون للوطن، فهو رجل يحمل بين جوانحه صفات الرجولة اللامتناهية، رجل دائما يغاور الرجال على المعاني السامية، واستطاع أن يكون في الصفوف الأمامية دائما، وعندما رأى في التاريخ بعضاً من الشوائب لم يتردد بإزالتها فوراً، وعندما تطاول الأقزام على معشوقته ضربهم بيد من (ذهب) وألجمهم بلغة (الإنجاز) وأغاظهم بإضاءة ورونق (نجومه). فشكراً بحجم غيرتك وشكراً بحجم عطائك الذي لا ينضب.