تخوفنا من اي اساءة لعلاقتنا مع دول الخليج كما ظهر بالمواقع الاتصالية وبروز موقف الكرامة الاردنية يؤكد للمرة الالف ان العلاقة الاردنية الخليجية علاقة حتمية ازلية صنعتها مواقف الشعوب وايمانها بالوحدة والعمل المشترك صفا واحدا كالبنيان المرصوص وصاغتها ادراكات الدول مشتركة بالمصير الواحد الذي يجب ان لا يغيب عن ذهن اي صانع قرار.
فاجتهادات اشخاص وتعابير مسؤولين وفي اي وسيلة تعبير لم ولن يخرج عن صيغها القائمة بالأساس على المحبة والاحترام المتبادل. فلدول الخليج وهي الاقرب والاكثر التصاقا بالأردن فكرا وثقافة وقيما ومصيرا كل معاني التقدير والاحترام .
ان العمق التاريخي للعلاقة الاردنية الخليجية والمواقف المشرفة القومية التي جمعت الخليج بالأردن شاهد عيان على وحدة الهدف والمصير. وهي علاقة غير قابلة للتشويه ولا يحق لاحد ان يأخذ ما يكتب او ينشر من اراء شخصية او افكار تأملية ويحورها لتشويه واقع هذه العلاقة بحيث يحمل هذه الآراء أكثر مما تحمله من معاني نبيلة اخوية متجذره ليصطاد بالماء العكر، فحرية الراي مقبولة والراي لصاحبه ولا يجوز في مجتمع الديمقراطية مصادرته، في حين تبقى الثوابت أعظم واقوى يجسدها الفهم المشترك والثقة المتبادلة. دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية لا تحتاج لمن يذكرها بحماية الدولة الاردنية وبنفس المقدار حرص الاردن على استقرار دول الخليج وامنها والوقوف معها في اي مؤامرة تتعرض اليها او مساس قد يصيب اي شبر من اراضيها او نظامها لا سمح الله.
الثوابت الاردنية قواعد راسخة لا يجوز اضعافها وتقزيمها لمجرد موقف ونحولها الى مهاترات عبر وسائل الاعلام الاجتماعية وبأساليب تدل على الجهل والسطحية وعدم النظر للعمق، فالخليج يدرك ان امن الاردن جزء لا يتجزأ من امن الخليج وهذا واقع لا ينكره أحد وكذلك فان امن الخليج هو جزء لا يتجزأ من امن الاردن بالضبط كما هو العراق وسوريا ولبنان وليبيا وكل دولة عربية، فالأمل العربي متشابك ومتداخل والمصير العربي واحد لا ينقسم على اثنان ولا يمكن ان يتجزأ بكيانات منفصلة رغم كل المؤامرات التي تحاك. فعلى الجميع ان يدرك بان وجودنا العربي يكمن ببقائنا وان بقائنا مقرون بتاريخنا وبحاضرنا ومستقبلنا وان اعادة المجد العربي ليس بالمستحيل ولا يعيش في الميتافيزيقيا بل واقع موجود ينقصه لحظات تفكير جادة، والاجابة على: -اين نحن ولماذا، وماذا نفعل وكيف نتصرف. كيف الماضي حيث كان الاباء والاجداد وكيف تجاوزا محنهم وهي أعظم؟
لحظات يجب على الزعماء ان يدركوا ان الخلد لله وان الامة ادوم وان من يريد ان يعمل لمصلحة بلاده وشعبه وامته فلا بد من تعزيز اللقاء والوحدة وتعظيم القواسم، فلدينا الكثير الذي نعتز به ونفاخر ولدينا الكثير الذي يمكننا من ان نعيد بناء ذاتنا وننفتح فيه على الانسانية العالمية لنضفي كما اضفت حضارتنا وقدمت للعالم الفكر والثقافة والعلم وقواعد التقدم على طبق من ذهب.
آن الاون ان لا نتعامل مع الآراء والافكار والراي الشخصي بأسلوب الفزعات وحالات الانفعال , آن الاوان ان نستوعب دور وسائل الاعلام الاجتماعية والجماهيرية ونستخدمها لجمع الناس وخير صالح الوطن بالكلمة الصحيحة وبالمضامين الحقيقية التي تخدم ولا تحطم تجمع ولا تفرق , دعونا نكون ايجابيين في ما نكتب ونعلق على صفحات التواصل الاجتماعي , فالاغتيال الشخصي والاساءة للناس في شخوصهم امر يرفضه الحق والمنطق والقانون , بينما فان النقد البناء المبني على التحليل والمعرفة وصولا للحقيقة امر لا يزعج الا صاحب الافق الضيق .
نحن جميعا في الاردن نتطلع للأشقاء والاصدقاء وهذا من الواقع الذي يواجهنا والذي تسبب به مواقف الاردن الانسانية والعربية، مواقف الشرف التي آثرت ابناء جلدتنا على صعوبة عيشنا وحالنا الذي يحتاج الى تمكينه من الصمود. لن نكون متسولين ولا ان نشحذ من أحد بل نكون جادين في طرح حالنا الذي نملك فيه الحلول ولكنها مؤلمة خاصة بحق هؤلاء المهجرين من ديارهم وبحق دول الجوار واروبا؟ فمفهوم الكرامة عند الاردني عطاءه السخي رغم ضعف الإمكانات ومعاناة المواطن فنحن لا نملك فرس حاتم الطائي ولا حتى قوته.
من حقنا على الاشقاء تقدير حالنا مثل ما هم الاصدقاء الذي ساهموا بوصولنا لمثل ما نحن عليه فنحن شعب لا ننكر دعم أحد وكل الشكر لأشقائنا العرب الا ان الوضع وبعد انغلاق الحدود مع سوريا والعراق والخليج نحتاج لوقفة تخرجنا من هذه المحنة خاصة وان المواطن وصل حد اللاصبر.
نعتز بعروبتنا بمثل ما يعتزون بنا، فنحن لبعضنا جئنا من سراج واحد لا يزحزح قناعتنا وثقتنا ببعضنا شيء. وكم نحن متطلعون لان يكون الاردن ودول الخليج مشروعا او بداية لمشروع وحدة عربية نتجاوز به صراعات السياسة الذي لاعبتنا به الامبريالية والصهيونية وضمن مشروع خبيث لتمزيقنا وتفتيتنا وزرع التشكيك وعدم الثقة فيما بيننا. لا نريد غير لحظات صادقة مع الذات مع ماضينا كيف كنا وحاضرنا وما آل اليه، فبالثقة والتعاون العربي العربي نستطيع تجاوز كل التحديات ونصبح قوة لا يستطيع أحد تمرير مخططاته علينا. نحن للخليج والخليج لنا ونحن شعب نذر نفسه لان يكون مع أمته، ولا ينسى ان الخليج في محنة ولكنه يقدر ظرف الاردن ولا يتركه، كما كان الاردن دائما.