الامر المحير في السياسات الاقتصادية، انها كلها تقوم على مبدأ المساعدات والقروض، وتقديمنا باعتبارنا الدولة الاكثر مسكنة في الدنيا.
كل المشاكل المتراكمة يتم حلها بمساعدات وقروض، ونحن البلد الوحيد في الدنيا، الذي يقترض ليسدد قرضا سابقا.نعم. نقترض قرضا جديدا لنسدد قرضا قديما. نقترض قرضا جديدا، لنشغل عربيا في بلادنا. ونقترض قرضا ونجمده دون استعماله، فتتراكم فوائده، فيالها من عبقرية فذة؟!.
لا نريد ان ُننّظر في الشأن الاقتصادي، لكن هناك اسئلة عادية جدا، لا يتم الاجابة عنها من جانب الحكومات المتعاقبة، ابرزها ملف ضريبة الدخل مثلا، ومئات الملايين التي لا يتم دفعها، او يتم التهرب من دفعها، يضاف الى ذلك المبالغ المالية الضخمة جدا، المرتبطة بالفساد، وملفاته، وهي اموال يتم انكارها، او في حالات اخرى، يتم التعامي عنها.
لماذا تتكئ الدولة فقط، على مبدأ المساعدات والقروض والضرائب، وهي تهمل كل القطاعات الحيوية، الممكن ان تدر دخلا على البلد، من الصناعة الى الزراعة، مرورا بالسياحة، وهي قطاعات مهمة جدا، تتراجع اليوم وتنهار القطاع تلو الاخر، وبدلا من تقديمنا كنموذج يواجه محنة اقتصادية، جراء الديون كان الاولى بالحكومات ان تشتغل على هذه القطاعات وتنعشها، لكن ذات السياسات الاقتصادية، تطفئ شعلة هذه القطاعات، جراء سوء الادارة، وكلف التشغيل المهلكة لها؟!.
اين الحكومات من قطاع التعدين، وما فيه من موارد يتم تقديرها دون مبالغات بالمليارات، واين الحكومات عن كل قصص الصخر الزيتي والنحاس، ولماذا لا تلجأ الى شراكات عالمية او عربية او محلية، من اجل الاستفادة من هذه القطاعات؟!.
حتى قطاعات مثل التعليم والصحة، كانت في اعلى معاييرها، وهي مصدر دخل مالي كبير، تم اهمالها، وتراجعت الى مستويات متدنية، وتضررت سمعتها، ولم تعد جاذبة للعرب او الاجانب.
يقال هذا الكلام وغيره، بما في ذلك، طريقة انفاق الاموال التي تأتي الاردن، من مساعدات وقروض، وهي طريقة، تقول ان هناك من يرغب بإنفاقها وحسب، من اجل ان نصحو من هذه الحالة التي نعيشها، وبدلا من اشاعة فكرة البلد الذي ينهار اقتصاديا، جراء بلوغ ديونه حدا فلكيا، لابد من صحوة للمطبخ الاقتصادي، تنقذ البلد، من سمعة البلد المنهار اقتصاديا، لان هكذا سمعة، تؤدي الى نفور شديد، وحذر وخوف، وتؤدي الى انجماد المال، وهروب المستثمرين، بل وتجميد الاردني العادي لمدخراته، تحت وطأة الخوف من المستقبل، خصوصا، حين يشيع الرسميون ان البلد يعاني اقتصاديا، فهذه نذر سوء، تترك اثرا حادا على الداخل.
نسأل هذه الاسئلة وغيرها، وقبلنا سألها الاف الاشخاص، ولم تكن هناك اجابات مقنعة، وبرأيي المتواضع، فالبلد على كل مشاكله، ليس فقيرا، وليس منهارا، لكنه يعاني من ضيق افق، ومن سوء ادارة.
الدستور