اللغة الفصيحة واللغة الفضيحة
عيسى ابو جوده
24-01-2017 12:33 AM
قال المؤرخ، ( لا أعرف كيف يمكن تسمية بلاد يجهل شعبها الواقع والتاريخ بلاد حرة . ) قلت، لو كان بالامكان لكتبته على مناديل الاستنجاء بيد أنا ينقصنا في ما ينقصنا شاعر، ولتكن القصيدة قصيدته الأخيرة فما قد بات في المتناول لا يثير في الذات سوى الاشمئزاز، الصورة رتيبة وممعنة في الخراب، مدينة تسقط وأخرى مثلها على الحدود ما بين السماء والسماء، رجل يقتل على باب بيته مرتين، أنا لا تعنيني الطلقة الأولى بقدر ما يعنيني التنكيل بجثة مفارقة، فالطلقة الأولى خبر ونتيجة وأما ما تبقى من حركة وفعل ليس سوى هزيمة ورذيلة .
وفي المقابل وعلى الطرف النقيض من المشهد ثمة ولد لا يتجاوز في أحيان كثيرة السادسة عشرة ليس وقد بات قادرا على تحميل المفارقة ما لا استطيع استرجاعه او محاكاته؛ ولد قد بات قادرا على تحميل العبارة الأدنى صفاتها الأعلى، العبارة الممعنة في التعبير عن فرضية الاختيار الحر، مشهده الفردي في دفاعه المر وفي صراعه الحر مع الفكرة المطلقة " وطني أو هي لغتي".
ولد لا زال يرى في القليل الجيد من أدوات الفرار والقرار ( السكين ) أداة جيدة للتحرير، أو حتى التخلص من عبء التأويل أو التدويل في ظل المكرر من مشاهد الحياة الوطنية اليومية، وفي محاولة أخرى كذلك للوقوف بعيدا عن المتناول و المتداول من الأسماء وفي محاولة أيضا قد تكون الأجدر لكسر الايقاع دنيء التعابير؛ لذلك قد ترى وفي مشهد استثنائي القاتل الجندي المدجج بكل أنواع الأسلحة متكئا على ركبتيه يمسك على جرحه البليغ إلى جانب الولد المسجى على ظله، الولد الحامل عبء اللغة الفصيحة واللغة الفضيحة .
قال المؤرخ، ( لا أعرف كيف يمكن تسمية بلاد يجهل شعبها قراءة الواقع والتاريخ بلاد حرة . ) قلت، لو كان بالامكان لكتبته على جدران المنفى منفاي، بيد أنا ينقصنا في ما ينقصنا شاعر، وليكن الكلام كلامه الأخير فالصورة ممعنة في التعبير، نافذة تسقط وأخرى مثلها ما بين حبل غسيل وآخر، رجل يقتل على باب بيته مرتين من باب أن تفتيش الموتى أسهل من تفتيش الأحياء، أنا لا تعنيني الطلقة الأولى فالطلقة الأولى تماثل وسجال وما تبقى من حركة لا لجام لها ليس سوى مغالاة وابتذال .