عن الدولة المدنية
الناشط الحقوقي نضال ابو دلو
23-01-2017 08:16 PM
الدولة المدنية وبعيدا عما يسود من جدل بين سياسيين بمرجعيات مختلفة، اقول أنها الدولة التي يحكمها دستور وقوانين تحقق تطبيقه بشكل عملي يلامس حياة المواطنين بكافة حاجاتها وتفاصيلها، وقوانين ترمي الى تحقيق العدل والمساواة بين المواطنين بدون استثناء.
والدولة المدنية ، دولة مؤسسات تقوم على فصل حاسم بين السلطات الثلاث : الحكومة و البرلمان و القضاء . دولة تعزز بجذورها قيم الديمقراطية والاختلاف والتمايز والتباين. وبقدر ما تسمح تلك القيم ببناء مفاهيم مدنية للمواطنة، تقوم على عدم التمييز على أساس الدين والجنس والثروة .
جميع المواطنين متساوون دون أدني تمييز، وعلى نحو اعلى تقوم الدولة المدنية على مبدأ سيادة القانون والمساواة امام الدستور الذي يجمع المواطنين. وعلى هذا النحو بأبسط مقاربات لمدنية الدولة يمكن التنظير لها بعيدا عن مستويات من خلاف سياسي عقيم .
الاردن ، وبفضل قيادته الهاشمية الحكمية والرشيدة، تمكن من بناء نموذج للدولة المدنية في مواجهة مشاريع سياسية نقيضة. ولربما ان النقيض الاول لمدينة الدولة هو التطرف الديني، والثاني هو العصبيات الجهوية والقبلية. وهي نقائض تسعى الى تعطيل سلطة الدستور والقانون و تحجيم الدولة بمستوى مصالح و اطماع في السلطة يسعون الى تحقيقها .
ولربما أن الاردن قد حقق تقدما وطنيا ملموسا في تجذير" مدنية الدولة" : نظريا وعمليا . وعلى قاعدة ومعايير سياسية تبدد اوهام مقاومي ورافضي مدنية الدولة . وثمة صور كثيرة لأشكال الديمقراطية الحية التي يعشيها الاردن ، بدءا من الانتخابات البرلمانية و البلدية و اللامركزية ، وصور اخرى من انتعاش مناخ الحريات العامة و التعدد و التنوع السياسي و الفكري .
وعندما اتحدث عن الدولة المدنية في الاردن ، فلا بد من الاشارة الى الورقة النقاشية السادسة التي طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني ، وما حملت من اطروحات لأفكار سياسية تقدمية حول الدولة والمواطنة والدين و المجتمع .
وما طرحه جلالة الملك في أوراقه النقاشية السادسة يمكن اعتباره ارضية وقاعدة اولية للتحليق نحو بناء الدولة المدنية ، افكار تخرج " مدنية الدولة" من عنق الزجاجة ، وتقدمها بوصفة تاريخية وطنية اردنية بامتياز .