أمريكا والدور القيادي في العالم
د.احمد القطامين
23-01-2017 02:17 PM
ابتداء، من المفيد التذكير ان الدولة القائدة في العالم، هي دولة تقدم انجازات اساسية للعالم دون الأخذ بعين الاعتبار حسابات الربح والخسارة، لأن الهدف هو الاحتفاظ بالتوازن الديناميكي المطلوب لعالم متداخل ومتشابك بصورة كبيرة جدا، فذلك يعتبر صمام الامان لقوة الدولة القائدة ومنعتها وليس العكس.
امريكا اولا، شعار الرئيس الامريكي الجديد يتحقق فقط اذا كانت امريكا اولا في العلم والحضارة والتكنلوجيا والتسامح واحتضان العالم والمساهمة الفاعلة في حل مشاكله السياسية والاقتصادية والبيئية، وتلك هي اهم ركائز القيادة، فاذا انتزعت من امريكا تلك الخصائص والمساهمات، فعلى من اذن ستكون امريكا اولا ؟
الخطاب الشعبوي نجح في ايصال الرئيس ترامب للسلطة، لكنه لا يفيد في تزويده بأسباب النجاح والاستمرار، بل هو في الواقع اقصر الطرق للفشل السريع، وانجع الوصفات لسرعة انهيار المشروع.
ترامب كسب الشخص الامريكي البسيط المهمش، لكنه فقد النخبة الثقافية والفكرية والمتعلمة، فالمفكر الامريكي الاول والابرز تشومسكي يقول "بأن ظاهرة ترامب حدث فريد لا مثيل له في العالم المتحضر"، واضاف "ان هذه الظاهرة كانت حصيلة مجتمع متداعٍ يمضي بقوة نحو الانهيار".
يتمتع المجتمع الامريكي بديناميكية هائلة ويتميز الانسان الامريكي بدرجة عالية جدا من الانتاجية، لذلك لا غرابة في تدفق الملايين من الامريكان الى شوارع المدن في الولايات الخمسين التي تشكل الولايات المتحدة الامريكية الى الشوارع للتعبير عن رفضهم للأفكار التي وردت في خطاب ترمب في مهرجان تنصيبه.
ان حقيقة ان ترامب الان رئيس لمجتمع هذه مواصفاته سيعقد المهمة التي وعد بإنجازها والتي تتلخص في شعار "امريكا اولا" على الطريقة التي فسر فيها معنى هذا الشعار في خطاب التنصيب.
لقد قدمت لنا التجارب الانسانية عبر التاريخ البشري تفسيرا عميقا للمعنى المحدد للدولة القائدة، بانها دولة العدل والتسامح والدور القيادي العميق الذي يشكل بمجمله قدوة للأمم والشعوب الاخرى لتسير على خطاه في رحلة الحياة، فعلم القيادة يحدد معنى القائد بانه شخص قادر بسلوكه الانساني الراقي ان يحفز الآخرين على اتباعه طواعية وبدوافع داخلية تؤثر في قوتها سلوك القائد نفسه.
الولايات المتحدة الامريكية دولة تتمتع بتأثير كبير على العالم ومن الخطأ الفادح اعتبار ما يجري فيها قضية امريكية داخلية ليس للعالم شأن بها.