شبابيك القلب .. بعد ال2000
ربيعة الناصر
28-10-2008 03:00 AM
حين طلب منا في امتحان الثانوية العامة أن نكتب أحلامنا لعام الألفين. . لم نتخيل أننا سنكون هنا حين يحل عام ال2000.
إذ كان يلوح لنا بأن ذلك اليوم بعيد جدا..
كان هذا عام ألف وتسعمائة وخمس وستين . . وكنا نتلهف على انقضاء الأيام المتبقية لنا في المدرسة!
نردد بفرح غامر . . لن نسمع بعد اليوم صوت الجرس..
أو نرتجف من البرد في وقفة الطابور الصباحي . . ولن يكون هناك من يلقي الينا بتعليمات ومواعظ ، أو يقرأ لنا الخطب والقصائد، مما يفتتح به الصباح المدرسي. و سنخلع عنا الثوب المدرسي للأبد.
في يوم؛ وأثناء انشغالي بعملي في مدرسة المطران، ما بين إعداد نشرة للنشاطات الثقافية وكتابة تقرير عن زيارة للطلاب لمعرض فن تشكيلي ، وترتفع أمامي مجموعة من دواوين الشعر، في انتظار أن يسنح لي الوقت أن ألتقط منها بعض المقطوعات الشعرية، لقراءتها أثناء الطابور الصباحي.
بدأت بكتابة التاريخ في رأس الصفحة 10 / 1 . . وصفر صفران ثلاثة أصفار! إنها أصفار ال2000 !
حين طلب إلينا أن نكتب أحلامنا لعام ال2000 . .
كتبت أحلامي بعيدا عن باحات المدارس والطلاب والطالبات وعن وبرامج الإذاعة المدرسية
كان الاهتمام الخاص لغالبيتنا، اكتشاف العالم من حولنا.
ندأب على البحث والقراءة ، المصدر الوحيد المتوفر لنا بالاطلاع على كل ما يصل إلى أيدينا من كتب ومجلات ثقافية ومتابعة المستجدات المحيطة بنا من المذياع. أو الذهاب إلى السينما لحضور فيلم حظي بإجماع عائلي!
كان الاهتمام العالمي آنذاك، منصبا على غزو الفضاء والصعود إلى القمر .
فيما كان الشغل الشاغل للعائلة والمجتمع المحيط بنا ، قضايا النهوض الوطني والتحرر من الاحتلال والاستعمار في كل من فلسطين والجزائر والعالم العربي . . وحتى الكونغو!
كانت أحلامنا بمنأى عن الاختراعات الألكترونية المذهلة التي أنجبت "الريموت والموبايل والإنترنت".
وكنت أحلم بالصعود إلى القمر !!!
لم أصعد إلى القمر . . ولم أغادر باحة المدرسة . . ! وأذهلني الريموت والكمبيوتر، والإنترنت والموبايل!
ومكثت ردحا طويلا من الزمن أسمع قرع الجرس مع تدافع خطوات الطلبة.
لكنني أزعم أنني اكتشفت عوالم وآفاقا جديدة وممتعة أكثر رحابة مما اكتشفه رواد الفضاء على كوكب القمر!
ففي كل صباح ، أفواجا جديدة لأطفال ويافعين . . صبايا وفتيان. كل منهم كوكب يتطلب منا حياة أخرى للتعرف عليه واكتشافه.
أحببتهم فتصادقنا . . غادروا و توزعوا في أنحاء الوطن وربما في أنحاء العالم . . التقي أحيانا بعضا منهم . . وأسمع عن البعض في أحيان أخرى.
أصطدم بحقيبة هنا و حقيبة هناك . . وأكاد ألمح ابتسامة ماكرة لشقاوة خبيثة بريئة . . أعرفها جيدا.
ربما أكون قد علمتهم بعضا مما أعلم . . لكن ومما لا شك فيه أنهم ألهموني الكثير!
rabeea.alnasser@gmail.com