عملية الامن اللبناني في احباط انتحاري وسط الحي التجاري البيروتي، هو درس للذين حولوا عملهم السياسي الى تظاهرة بعد صلاة الجمعة، وللذين يعتقدون انهم يمكن ان يعيدوا، من عمان، محمد مرسي العياط الى قصر الاتحادية في مصر او تثبيت بشار الاسد في مملكته.
نجحت الدولة في لبنان باضفاء سيطرتها على الشارع المسلح وغير المسلح، فأتاحت لقواها الاستخبارية فرصة العمل بالامساك بالمخدر الانتحاري حيا، وبانقاذ ارواح العشرات من المواطنين. فوسط فوضى الشارع، لا يستطيع الامن الاستخباري مراقبة الناس، الى جانب حماية التظاهرة، وحماية الحياة التجارية، وارتياح السواح والمواطنين لوسط البلد.
يجب ان نفهم ان التظاهرة المكرورة المُملة ليست العمل السياسي الجاد. ويجب ان يفهم الذين يملكون احزابا، ان العمل الاصلاحي له وسائل اخرى غير فوضى الشارع، وغير توتير الاجواء العامة فهناك شيء اسمه الانتخابات، وتعمل الدولة على المزيد من الديمقراطية باعلاء شأن السلطة التشريعية، ومأسستها وتعميقها بانتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية.
وهناك شيء المستحيل في قناعات احزاب او جماعات اردنية بتغيير انظمة حكم، او عزل او تثبيت رؤساء عرب من عمان. فتلك مستحيلة عشناها منذ اكثر من نصف قرن، وهي مأساة عاشها العرب حين قبلوا بالاحتلال الاجنبي لبلادهم، واعطاء الاجنبي شرعية هدم دولة في حجم العراق، او حجم سوريا او حجم ليبيا واليمن.
لن نسمح في الاردن بان يقرر مصيرنا احد خارج الاردن، لا اميركا ولا روسيا ولا تركيا ولا ايران ونحن نعرف ذلك جيدا بما نعانيه من حصار اقتصادي، يقترب من التجويع، وبدل ان نرص الصف الوطني في وجه هذا الحصار، نقارف كل ما يضعف البلد، ونعطي للمعتدين، وللمجرمين فرصة اقتحام بلدنا.
قلنا: إن نجاح الامن الاستخباري في انقاذ حياة العشرات من ابناء وسط بيروت لم يكن ليحدث لو ان وسط بيروت لم يكن نظيفا، ويسمح للكاميرات ان تراقب، ويسمح للامن الشرطي بجسّ نبض الشارع بأخذ مواقعه السرية فيها. فمن غير المعقول ان يقوم الامن بالمراقبة في شارع لا نفرق فيه بين المتظاهر والانتحاري، وان يقوم الامن بحماية التظاهرة في شارع طلال.. لان تجار الشارع لم يعودوا يحتملوا هذا «التخريب» الوطني على رزقهم.
نطالب الدولة بتنظيف الشارع للقيام بدورها في حمايتها من الانتحاريين، ونطالب الاحزاب بالتواضع فليس من مهماتها اعادة محمد مرسي وعزل السيسي من قصر الاتحادية، او فرض بشار الاسد على شعب سوريا. وليس من مهمات احزابنا الاستمرار في استدعاء القوى الدولية لاحتلال الوطن الذي كنا نفخر بحرياته الحقيقية.
الرأي