شهد العالم بأسره حفل تنصيب الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب ، واستمعوا بشكل خاص إلى خطاب الرئيس الجديد والإشارات الصريحة والضمنية التي اطلقها ، والتي توحي بأن ما يحدث في أميركا يرقى إلى مرتبة انقلاب.
أجمل ما في هذا الحدث هو الانتفال السلمي للرئاسة بشكل حضاري والتزام الديمقراطية وتداول السلطة. أما أسوأ ما حصل فهو إعطاء الحفل صبغة دينية مبالغأً فيها ، وشمول البرنامج لعدد من الخطابات والمواعظ التي ألقاها رجال دين ، والصلوات التي تم رفعها ، فضلاً عن الأناشيد التي لم تكن وطنية بقدر ما كانت دينية بحتة!.
أما الانتقال السلمي للسلطة كما شهدناه في الحفل ، فيصلح قدوة للعالم ، وخاصة العالم الثالث حيث يتم تداول السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية والاغتيالات والمؤامرات. وأما إعطاء الحدث صبغة دينية فقد أساء إلى الدين باستخدامه كأداه في السياسة ، حيث تم الايحاء بأن الرئيس الاميركي يمثل ديناً معيناً ، وأنه سيحكم بموجب تعاليم ذلك الدين ، وبالتالي فإن بعض ما يفعله سوف يحسب على تعاليم الدين.
كنت أفترض أن نظام الحكم في أميركا علماني أو مدني ، وأنه نجح منذ الاستقلال في فك الاشتباك بين الدين والسياسة. واعتقد أنه كذلك عملياً ولكن الدين ُيستغل إعلامياً واحتفالياً لإضفاء الشرعية على الحاكم.
ونعود إلى خطاب التنصيب لنلاحظ أن ترامب لم يتراجع عن شعاراته الانتخابية التي أثار بعضها ذهول العالم ، بل أكدها وزاد عليها ، وجدد التزامه بها ، ليس كمرشح بل كرئيس دستوري.
يقول ترامب أنه جاء لينتزع السلطة من الطبقة الحاكمة في واشنطن ، ويعيدها إلى الشعب الأميركي ، أي انه ينكر أن واشنطن كانت تدار قبله بالطرق الديمقراطية.
بعض المراقبين اشتموا رائحة لهجة فاشية ، ذلك أن شعار ترامب (أميركا أولاً) ، يذكرنا بشعار هتلر (المانيا فوق الجميع). بهذه العقلية لا تستطيع أميركا أن تكون زعيمة العالم الحر.
من حق أية دولة أن تضع مصالحها أولاً ، ولكن عليها مراعاة مصالح غيرها من الدول وخاصة الحليفة. ماذا عن مفهوم المجتمع الدولي؟.
بدلاً من دعم الدول الصديقة بالمال والدفاع عن حدودها ، فإن ترامب يريد إنفاق المال على البنية التحتية في أميركا نفسها وحماية حدودها.
ترامب بالمناسبة تعهد بأن يمسح الإرهاب عن وجه الأرض ، فهل ستفعل أميركا ذلك منفردة أم أنها بحاجة لتعاون الاطراف الأخرى.
الرأي