المسلمون الأمريكيون في حالة ارتياب وترقب تجاه ترامب
22-01-2017 02:23 AM
عمون - أحدث وصول ترامب إلى البيت البيضاوي شرخاً داخل المجتمع الأمريكي، وأدى إلى تغير المزاج العام فيه. وبات الخوف والقلق يعتريان الأقليات، وعلى رأسها الأقلية المسلمة. من أين تنبع تلك المشاعر؟ وما الذي أخرج العفريت من القمقم؟
في أحد شوارع حي كوينز في مدينة نيويورك سقط إمام مسجد في شهر آب/أغسطس 2016 صريع طلقات نارية. اعتبر الكثير من المسلمين أن دافع الجريمة هو كراهية المسلمين، واستمروا على ذلك الاعتقاد وحتى عندما أعلنت الشرطة بعد ذلك أن الأمر لم يكن كذلك. "إنها جريمة كراهية: كراهية ضد الإنسانية والمسلمين"، يقول أحدهم. وبحسب بعض التقديرات يصل عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 3,3 ملايين نسمة من أصل 325 مليون، أي ما يقارب نسبة واحد بالمئة من عدد السكان.
"إطلاق رصاص مغطس بدم الخنزير على أسرى مسلمين"
أطلق الرئيس الأمريكي -الذي أدى اليمين الدستوري الجمعة 20 يناير/ كانون الثاني 2017- خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه تصريحات مثيرة للجدل وعنصرية ضد المسلمين والأقليات بشكل عام. فحتى الآن، على الأقل، دعا ترامب لإيقاف مؤقت لدخول المسلمين إلى أمريكا واقترح أيضاً إنشاء بنك معلومات خاص بالمسلمين، وذلك في إطار إجراءاته لمكافحة الإرهاب. في إطار مكافحة الإرهاب هذه فإن مصطلحي الإرهاب والمسلمين ليسا ببعدين بعضهما عن بعض. وفي إحدى فعاليات حملته الانتخابية في فبراير/شباط 2016، نقلت مجلة التايمز أنه روى قصة مختلقة عن الجنرال جون جوزيف بيرشنغ، حيث قال ترامب إن الجنرال أطلق النار على أسرى مسلمين برصاصات مغطسة بدم الخنزير. "لقد أسر الجنرال خمسين إرهابياً، ثم أخذ خمسين رصاصة وغطسها بدم الخنزير".
وكما كان متوقعا، وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مكافحة التطرف الإسلاموي في صلب سياسته الخارجية مع بداية توليه مهامه. حيث تعهد، في خطابه بعد أدائه اليمين الدستورية رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، بالعمل مع حلفاء بلاده للقضاء على تهديدات الجهاديين. وقال "سنعزز التحالفات القديمة ونشكل تحالفات جديدة ونوحد العالم المتحضر ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف الذي سنزيله تماما من وجه الأرض"، بحسب تعبيره.
المشكلة في التواصل مع غير المسلمين
وفي نفس الوقت نجح تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي في أن "يحتكر لنفسه أجزاء من التراث الإسلامي"، على حد تعبير رامي النشاشيبي، المدير التنفيذي لشبكة المسلمين IMAN "إيمان". ويضيف رامي، في حديث لراديو WNYC، أن المرء يجب ألا يكون ساذجاً في مثل هذه النقاشات: "اللغة أمر مهم في مثل هذه النقاشات والطريقة التي يتحدث بها المرء تؤثر كثيراً". ويوجه رامي النشاشيبي رسالة واضحة للرئيس الأمريكي الجديد: "استخدام التهييج ضد المسلمين واستغلال الخوف لحشد الناس سيعود علينا بالوبال ويلاحقنا".
يسلك مسلمو نيويورك طرقاً أخرى في مواجهة ترامب، مثلاً: بتقديم القهوة والكعك للأمريكيين. ففي أحد مساجد حي كوينز يتم تقديم ذلك كل يوم خميس. ويقول أحد النشطاء في هذه الفعاليه (واسمه سلام بهتي) إن شعاره هو توعية الأمريكيين بالإسلام، بدلاً من إثارة مخاوفهم، مضيفاً: "لقد فشلت القيادات المسلمة في الوصول للأمريكيين. يتوجب علينا التواصل مع المسلمين وغير المسلمين لإيصال الصورة الصحيحة عن الإسلام. ونحن نتحدث بالأمر مع مئات الناس حول ذلك. يأتي الناس إلى المسجد، وهم كارهون للإسلام، ومن ثم يخرجون منه وقد كونوا صداقات مع الكثير من المسلمين".
تزايد الاعتداءات على المسلمين منذ انتخاب ترامب
الطريق طويل ووعر، ففي الأسابيع الأربعة الأولى بعد فوز ترامب تضاعف عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين في نيويورك. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وجهت رسائل إلى "أبناء الشيطان" الذين يسمون "مسلمين" ووصفتهم بأنهم "أشخاص حقيرون وقذرون"، فيما كالت الثناء للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متوعدة المسلمين بمصير مماثل "لما فعله هتلر باليهود". وُجهت هذه الرسائل المكتوبة بخط اليد إلى ثلاثة مساجد في ولاية كاليفورنيا ومسجد آخر في ولاية جورجيا. وجاء فيها كذلك بحسب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، الجمعية الرئيسية للمسلمين الأمريكيين، "قد جاءكم يوم الحساب (...) للمدينة شريف جديد هو الرئيس دونالد ترامب وسوف يطهر أمريكا ويعيد إليها ألقها. وسيبدأ بكم أنتم المسلمين". وذيلت الرسائل بتوقيع "أمريكيون من أجل طريق أفضل".
وفي أحد أيام ديسمبر/ كانون الأول 2016 تعرضت إحدى المسلمات العاملات في شبكة مترو الأنفاق للشتم بأنها إرهابية بسبب ارتدائها الحجاب ورُكلت من فوق درجات المحطة إلى أسفلها. ويقول رجل آخر إنه مر بأوقات صعبة.
يرد رئيس بلدية نيويورك، المشمئز من هذه الوقائع، على مثل تلك الحوادث ويحمل خطابات ترامب المليئة بالكراهية مسؤولية ما يحدث، ويضيف: "يتعين علينا الآن العمل بعضنا مع بعض. لدى ترامب الفرصة لأن يكون أفضل وأن يحل التسامح". غير أن رامي النشاشيبي يردف قائلاً: "لن يكون المسلمون ببساطة ضحايا سلبيين في ظل هذه الإدارة الجديدة. سننظم صفوفنا ليكون صوتنا مسموعاً".
"" DW/ كاي كليمنت"