«الأنبياء والخلفاء والعلماء والملوك والأمراء والوزراء والفرسان وحتى الناس البسطاء كانوا يتزوجون ويعددون مع وجود الإماء المملوكات عندهم فتجد «الرجل» يتزوج الأولى والثانية والثالثة والرابعة ومعه أيضاً ما لذ وطاب من الإماء يشتري ويبيع منهن فيستمتع بقوته ونشاطه ورجولته ويغير مراكبه فيزداد نشاطاً وحيوية وصحة فعاشوا رجالاً أصحاء لهم هيبتهم ووزنهم».
هذا مقطع من مقال للكاتبة الدكتورة عائشة الشهري، تداولته عشرات المواقع، وأعيد نشره مرات عديدة، كأن الساحة العربية بحاجة لاعتراف نسائي صريح لا لبس فيه، بحاجة الرجل لأكثر من امرأة في حياته، وكأني بمن أعاد نشره يريد أن يقول ما لا يستطيع قوله مخافة انفراط عقد أسرته، فلا شيء يغيظ المرأة كحديث «زلمتها!» عن امرأة اخرى، حتى ولو كان هذا الحديث تحت ظلال الشريعة والتاريخ والثقافة العامة، فما أن يأتي ذكر التعدد حتى تفقد المرأة عقلها، وتنسى كل ما تعلمته في الدين، ويبلغ الأمر مداه أحيانا، فتنكر بعض النساء حتى المتدينات منهن وجود أو مشروعية التعدد، ويربطنه باشتراطات مستحيلة، تخرجه من دائرة المباح إلى التحريم الغليظ، بدعوى «استحالة العدل» اتكاء على قول الله عز وجل «ولن تعدلوا..الآية»!
جرأة مقال الدكتورة الشهري، كانت غير معهودة، وفيها من الصراحة ما جعل أطروحتها محط تداول ونقاش، فهي تقول مثلا: (واقع «الموحد « يخالف طبيعة الرجل البدنية والنفسية فالله خلق الرجل اكبر عقلاً وقلباً وقوةً ونشاطاً من المرأة فطبيعة الرجل العطاء والانتشار، ما شرع له الله التعدد من الزوجات والتملك من الإماء ما شاء ومضاجعتهن...) والحقيقة أنني أنقل هذا القول وأنا على درجة كبيرة من الحرج، رغم أني كتبت في هذا الموضوع عشرات المقالات، والغريب في الأمر، أن الغرب الذي تحظر قوانينه تعدد الزوجات هو أكثر المجتمعات تعددا، ومن يشاهد أفلامهم أو يطل على حياتهم الواقعية، يرى أن التعدد حتى لم يقتصر على الرجال، بل تعداه إلى النساء، عبر صيغة ابتدعوها هي علاقة الـ «جيرل فريند» أو «البوي فريند» حيث تتيح كما نعرف جميعا التنقل من شريك لآخر بمنتهى الحرية، وربما يجمع البعض في وقت واحد أكثر من شريك، وإن كانت هذه الصيغة نادرة، لكن قوانين مجتمعهم تبيح للطرفين ممارسة حياتهم بمنتهى الحرية، وربما كان هذا الأمر تحديدا أحد أسباب تفرغ الرجال والنساء على حد سواء لأمور أخرى غير الانشغال بإشباع حاجة الجسد، فرأينا كما هائلا من الاختراعات في الحياة المدنية، مع وجود عدد وفير من الأمراض الاجتماعية نتيجة سوء استثمار هذه الحرية والإباحية غيرالمنضبطة، على عكس مجتمعاتنا الشرقية التي عانت من الكبت، لكنها بقيت في منأى عن أمراضهم القاتلة، لكن ثمن «عفتنا» القصرية وإحجامنا «جُبنا» عن التعدد كان باهظا جدا، وهذا ما عبرت عنه الدكتورة الشهري بقولها: فبسبب هذا «الجُبْن» كثُرت في بيوتنا العوانس وامتلأت من النساء والبنات اللاتي لا أحد يسأل أو يتجرأ يخطبهن.. وبسبب «الجُبن» كَثُر فساد الجبناء في الظل وانتشرت خطايا الضحايا معهم... فسبحان من شرع حكمة التعدد لمنع الفساد في الأرض !!
لو تسنى لنا أن نحسب الوقت الذي يقضيه الشاب أو الفتاة في انتظار «شريك» العمر والمعاناة النفسية والجسدية التي يمر بها كلا الطرفين، لهالنا الأمر، فالرجل والمرأة في حالة انتظار للسكن والأسرة، وتعقدت الأمور أكثر فأكثر في زمننا، فلم يعد يقوى الرجل على الزواج الأول، فما بالك بالثاني، فكانت حالتنا ما نراه من تخلف وتسكع على هامش الحضارة، واستهلاك ما تبدعه عقول الغرب، مما نتباهى بامتلاكه كالسيارات الفارهة والمنتجات التكنولوجية المختلفة، وحق لنا أن نسأل، لم لم ينتج مجتمعنا سيارة مميزة أو هاتفا خلويا مثلا، ولم لا تخلو بيوتنا من اختراعاتهم وابداعاتهم؟ فلا نحن عشنا حياتنا باستقرار وسكن، ولا أتحنا المجال لعقولنا أن تبدع ما يفيد في حياتنا، ومن أسف أن أكثر ما اشتهرنا به وارتبط بصورة المسلم تحديدا، سعيه لنيل «الشهادة» طلبا للسبعين حورية الموعود بها الشهيد في الآخرة، فغدا هذا الوعد محركا لارتكاب جرائم متوحشة، لا علاقة لها لا بالدين ولا بأي خلق بشري!
الدستور