الغضبة الانسانية التي اطلقها الدكتور عبدالله عويدي العبادي ، وهو الطبيب المعروف ، عبر موقع "عمون الالكتروني" قبل ايام بخصوص مرضى الدم والسرطان من اهالي غزة جديرة بالتوقف والاهتمام ، من جانب جهات عديدة ، خصوصا ، انها تأتي جراء خبرة واطلاع ، على واقع هذا الملف ، بكل تفاصيله.
يقول الدكتور عبدالله عويدي العبادي "يقوم عدد من المواطنين من ابناء غزة القاطنين في مملكتنا الحبيبة بمراجعتي في عيادتي في مستشفى الجامعة الأردنية وذلك كل يوم اثنين واربعاء من كل اسبوع ، وحيث أن هذه العيادة هي مخصصة للمرضى المصابين بالسرطان أو بأمراض الدم المستعصية ، وأن العديد منهم هم من اليافعين ، فإن حجم المعاناة التي أراها يصعب وصفها بكلمات ، كما لا يمكن السكوت عليها أو إهمالها كمشكلة صغيرة لا تستحق أن أسعى لبذل كل جهد لحلها ، والمشكلة تتلخص في أن هناك العديد من أبناء غزة ممن عاشوا على أرض الأردن لسنين طويلة أصيبوا بالسرطان أو بأمراض الدم المستعصية مما يتطلب رأيا طبيا مختصا لعلاجهم ، وقد كانت الدولة الأردنية وبالأخص الديوان الملكي العامر أول من نهض لإنقاذ هؤلاء وتفهم مشكلتهم الإنسانية الكبيرة ، ومعاناتهم الصحية التي لا يمكن وصفها ، فقد قام الديوان الملكي بشمل هؤلاء بإعفائهم من تكلفة العلاج ، وفتح لهم مستشفيات القطاع العام ومراكزه المتخصصة فاستفاد هؤلاء المرضى من كل الخدمات الصحية مثلهم مثل أي مواطن أردني ، وكان لهذه المكرمة الملكية ولهذه اللفتة الكريمة من الديوان الملكي ، بيت كل الأردنيين ، أعظم الأثر في نفوس هؤلاء المرضى وكان لهذا الموقف المثال الحي للمكارم الهاشمية التي عرف عنها الرحمة والمحبة ونجدة الملهوف وذي الحاجة من ابناء هذه الأمة".
يضيف الدكتور عبدالله في صرخته "المريض ناصر ، مثلا ، أصيب بضمور نخاع العظم الشديد ، والذي قمت بإجراء زراعة نخاع العظم له منذ نحو سنتين ، كان من هؤلاء المشمولين بإعفاء الديوان الملكي العامر ، وقد تعافى من مرضه وبدأ بالعودة الى حياته بشكل طبيعي أو قريب من الطبيعي ، غير أنه وبعد فترة تجاوزت السنة من اجراء الزراعة بدأت تظهر لديه أعراض الرفض المزمن والمتمثلة بتصلب الجلد وجفاف في الفم والعينين ، وقد تطلب هذا اعطاءه العلاج اللازم ، والذي هو مكلف للغاية ، للسيطرة على هذه الأعراض ، ومنذ عدة شهور ، لم يعد هذا المريض مشمولا بإعفاء الديوان ، وهذا يعني أن عليه تغطية التكلفة بنفسه ، وهنا بدأت معاناة ناصر.. فبعد أن طرق هو ووالدته أبواب وكالة الغوث ، والسفارة الفلسطينية ، وأبواب العديد من السادة النواب والمسؤولين ، وأبواب من أعرف ومن يعرفون من أهل الخير ، وتقطعت به السبل ولم تعد لناصر قدرة على دفع تكلفة الدواء.. كانت النتيجة تصلب شبه كامل بالجلد مما يمنعه من ممارسة أبسط الأعمال ، وتساقط العديد من أسنانه نتيجة للجفاف المزمن في فمه ، وتقرحات في القرنية ستؤدي الى العمى إذا لم يعالج ، إضافة الى فقدان نصف وزنه ، فأصبح ناصر ابن العشرين ، شبحا بحاجة الى مساعدة للقيام بأبسط اعمال العناية بنفسه".
ويصل الدكتور اللامع الى الخلاصة "ولعمري أن الإستثمار بصحة هؤلاء الناس لهو أعظم استثمار في الدنيا والآخرة. فهؤلاء هم أهلنا وعزوتنا وضيوفنا وبعدنا العروبي الحقيقي ، وصحة هؤلاء هي مسؤوليتنا الأخلاقية والقومية والدينية طالما أننا قبلناهم على أرضنا وبيننا ، وقبلنا لجوءهم الينا فإن أقل ما يمكن أن نقدمه لهم بعد الأمن والحماية هو العناية بصحتهم ، وعلاج مرضاهم ، وإعانة فقرائهم. نعم هكذا نحن في أيام الرخاء وهكذا نحن في أيام الشدة ، وهذا هو رصيدنا الحقيقي في الوقت الذي يتنافس فيه الآخرون على رصيدهم في البنوك".
صرخة الدكتور عبدالله نضعها بين يدي اصحاب القرار ، لعل وعسى.. تتم معالجة هذا الملف جذريا ونهائيا.
m.tair@addustour.com.jo
عن الدستور .