الاتفاق النووي مع إيران لم يأت ِ بالساهل ، فقد استغرقت المفاوضات الشاقة نحو سبع سنوات حتى أمكن تبادل التنازلات والالتقاء في منتصف الطريق. ومع أن الشائع أن الاتفاق أميركي-إيراني ، إلا أن الواقع أن هناك خمس دول أخرى غير أميركا هم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي وألمانيا وقعت الاتفاق ، ولها قول في تطبيقه أو تعديله.
قوبل عقد الاتفاق في تموز 2015 بالصدمة في الجانب الآخر من الانقسام الشرق أوسطي ، فقد انزعجت السعودية وحلفاؤها ، واعتبروا الخطوة الأميركية بمثابة انحياز سافر لإيران وإطلاق يدها لتنفيذ مشروعها في مد نفوذها والسيطرة على الإقليم ، خاصة وأن الاتفاق نص على رفع العقوبات ضد إيران خلال أربعة إلى اثني عشر شهراً من عقد الاتفاق.
من هنا فإن مجيء ترامب إلى السلطة قوبل بالارتياح ، ليس في السعودية فقط بل في مصر أيضاً ، على أمل أن الإدارة الأميركية الجديدة لن تتعاون مع إيران أو تسهل خططها ، فهل هذا الأمل في محله؟.
في حملته الانتخابية وصف المرشح ترامب الاتفاق النووي مع إيران بأنه اتفاق كارثي ، وتعهد بإسقاطه ، ولكنه في البيت الابيض سيجد أن المسألة ليست بهذه السهولة ، فالاتفاق كان قد طبخ على نار هادئة ، واستغرق عقده جهوداً مضنية ، والاهم من ذلك أن هناك شركاء إلى جانب أميركا قد يكون لهم رأي آخر.
يرى كثيرون أن موقف ترامب كرئيس سوف يتطور ، من إلغاء الاتفاق النووي إلى التشدد في تطبيقه بحيث لا ُيسمح بالتساهل في المخالفات الإيرانية مهما كانت بسيطة ، فضلاً عن المماطلة في رفع العقوبات.
ويرى آخرون أن بالإمكان إعادة التفاوض مع إيران لفرض المزيد من الشروط والقيود استغلالاً لضعفها ، خاصة وأن في بنوك الدول المتعاقدة مع إيران نحو 100 مليار من الدولارات مجمدة ويمكن استعمالها كرهينة لابتزاز إيران والحصول على تنازلات إضافية. مثل شمول الصواريح البالستية بالاتفاق ، وتشديد حملات التفتيش المقرر أن تقوم بها وكالة الطاقة الذرية الدولية ، وتحويلها إلى حملات مفاجئة دون حاجة لإعطاء إيران مهلة 54 يوماً قبل أن تسمح بدخول المفتشين إلى منشآتها الذرية.
الجانب العربي (السني) ينظر بارتياح لما جرى من بروز احتمالات الطلاق السياسي بين إيران وأميركا ، ولكن يخشى أن تستخدم أميركا موقفها تجاه إيران لابتزاز الجانب العربي والحصول منه على تنازلات جوهرية.
الرأي