كتبت دراسات ونشرت أطروحات عديدة حول العلاقة الاشكالية والمتعددة الابعاد بين العرب والروس بدءا من مرحلة الاستشراق الروسي الذي امتاز بدرجة الموضوعية بخلاف الاستشراق الكولونيالي التقليدي حتى انهيار الاتحاد السوفييتي، لكن هناك الكثير مما يمكن قوله عن هذه العلاقة التي مرّت خلال عقود بمدّ وجزر وكانت الثقة المتبادلة بين اطرافها في مهب احداث جسام، ففي اعقاب حرب حزيران قال القادة السوفييت للرئيس الجزائري الراحل بومدين لم يبق الا ان نحارب نيابة عنكم، واجاب بومدين قائلا ولم لا فنحن بحاجة الى ذلك بسبب تخلفنا !!
وما سمعته مرارا من كتّاب روس اذكر منهم يرماكوف وشاغال وفالفسكي وآخرين كان يراوح بين العتاب والندم، فقد سمعت من مدير معهد الاستشراق في موسكو ان العرب خاضوا حروبهم البينية والاهلية بالاسلحة الروسية .
وفي الحوار الذي اجريته مع طارق عزيز ونشرته الدستور بعد حرب الخليج الثانية قال لي ان الروس باعوا العراق بأربعة مليارات دولار، ثم تكرر المشهد في ليبيا وتلك حكاية تطول .
وما ان نهض الدب من سباته واستحم في المياه الدافئة حتى بدأ البعض يستعيدون ذكريات الحرب الباردة لكن من خلال نوستالجيا بعيدة عن الواقع الدولي، والحضور السياسي والعسكري لروسيا في الأزمة السورية عبّرت عنه موسكو اكثر من مرة بالقول انها تدافع عن نفسها، وتعددت قراءاتنا العربية لمثل هذه التصريحات لكن وفقا للنوايا والرّغائب .
ان العلاقة بين الروس والعرب تستحق دراسات اشمل وادق واكثر تحررا من المصالح الذاتية، فهي وثيقة الصلة بحروب العرب وحملها البعض منهم مسؤولية الهزائم، وما تستحقه هذه العلاقة التي عانت من التباسات ايديولوجية حبذا لو يكون على غرار الدراسة الاستقصائية التي قام بها د . على محافظة حول العلاقات العربية الفرنسية رغم ان العلاقات بين العرب والروس اشد تعقيدا خصوصا بعد ما حدث خلال السنوات الاخيرة سواء ما تعلق منه بالازمة السورية او بالصراع العربي الاسرائيلي !
الدستور