هذه جملة سمعتها في مسلسل بدوي ، فتذكرت أننا شعب مسكون بالطبقية رغم فقرنا وعوزنا ، ورغم غنانا ، وينعكس من سلوكيات ما زلنا نتمسك بها ، رغم تديننا ورغم تعليمنا لكن نتحدث كثيرا وندعي كثيرا عن المساواة ، والكثير من قيم البساطة وعدم التكبر والقناعة والرضا بالقليل، لكن ما زال مغروس في دواخلنا قيم التكبر وتصنع المشيخة والبحث عن الرئاسة والتندر على العمل اليدوي .
نطرب كثيرا للألقاب : يا شيخ ويا دكتور ، ويا سيدي .... وهذا حوّل مكاتبنا الحكومية إلى "شق عرب " ومضافات ، وحوّل المنصب إلى "مزرعة للوالد " يتوارثها " زيد عن يزيد " ، وهو يأمر المراسل : " صبّ قهوة يا ولد " ... وربما أيضا يفسر العدد الهائل من العمالة الوافدة بيننا ، ويمنحنا تفسيرا لم تلك العاملات والخادمات التي تفيض بها بيوتنا .
كان الأردنيون وجلهم فلاحون وعسكر ومعلمون وصغار التجار ، متساوين في المأكل والمشرب ، وأمام الجوع سواسية ، الفقير والخفير ، حتى البيوت متساوية والناس راضية ، ويعملون ويكدّون في مزارعهم ودكاكينهم ، راضون مقتنعون ، لا يكبر ولا يتكابر أحدهم على غيره ، إلا بالطيب والفروسية والمروءة .
الطفرة التي مرّت ببلادنا في الثمانينات ، أثرت على الشخصية الأردنية ، حيث إرتفعت أسعار الأراضي وكان الدولار يساوي ثلاثة دنانير ، مما رفع من القوة الشرائية وأرخص السلع والخدمات ، وأصبحت سيارة المرسيدس " اللف " ودور الحجر الأبيض مطمح كل أردني ... عام ١٩٨٩ إنهار الدينار الأردني وبيع إحتياطي الذهب ومرت البلاد بمنعطف خطير أنتج " هبة نيسان " ، والأهم بداية الأزمة الإقتصادية التي ظل يعاني منها الناس للآن ، ورغم هذا الإنقلاب لم يتعلم الأردنيون الدرس جيدا ، ولم بتنازلوا عن سلوكياتهم الإستهلاكية وما صاحبها من سلوكيات إجتماعية إلتصقت بفئات الطبقة الوسطى والثرية جراء البحبوحة المؤقتة .
العمالة الوافدة في مزارعنا ، والعاملات الآسيويات التي تنظف مطابخنا ، وحتى من يصب القهوة في بيوت الفرح والترح ، ما حاجتنا لهم .في ظل وضع إقتصادي صعب يمر بالبلاد منذ سنوات ، والكل يعاني في ظل طبقة فقيرة وطبقة باذخة وطبقة وسطى ذابت وهي تقاوم .
لنترك المكابرة قليلا ، ونترك سلوك الإتكالية الذي صنع جيلا ضعيفا فاشلا ، في ظل إنفجار معرفي وتكنولوجي حطّم الحواجز والحدود وأعاد صياغة منظومات التربية والأخلاق ، لنتغير فالعالم يتغيّر ويجب أن نتغيّر.