من تعهدات الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب، نقل السفارة الاميركية الى القدس، وهذا التعهد الذي اطلقه خلال حملته، قد يتم تنفيذه وقد لايتم، لكنه يمثل من حيث المبدأ تهديدا لكل ملف القدس.
ملف القدس يجب ان يتم طرحه خلال القمة العربية المقبلة في عمان، ولابد من بلورة موقف عربي فاعل وحقيقي، وليس مجرد موقف شكلي، خلال القمة، اذ لايجوز ان لايكون هناك موقف يتم ابلاغه للادارة الاميركية الجديدة، التي لم تسمع حتى الان الا كلاما من الفرنسيين حول خطورة نقل السفارة الى القدس.
لكن دعونا نتحدث بصراحة، اذ ان العلاقات الاميركية الاسرائيلية، اخطر بكثير من فكرة نقل السفارة الى القدس، فما قيمة القصة من جهة اخرى، حين تدفع واشنطن عشرات المليارات من الدولارات، وتسمح بتدفق الاموال ايضا، من الاميركيين، واغلبها يتم استعماله في الاستيطان في القدس، وتهويد المدينة، ومحو هويتها، وايهما اكثر خطرا هنا، نقل السفارة، ام تمويل بناء المستوطنات في المدينة المحتلة؟!.
لايعني هذا ان نقل السفارة ليس خطيرا، لكننا نتحدث عن ذهنيتنا التي تميل تدريجيا للتخلي عن عناوينها الكبرى نحو العناوين الاصغر، ولربما ذات اسرائيل تفضل اذا اضطرت، ان تحصل على مزيد من الدعم المالي والعسكري من واشنطن، لتمويل مشاريعها الاستيطانية في القدس، اوالضفة الغربية، بدلا من نقل السفارة، لان نقل السفارة نهاية المطاف، امر شكلي، على كل دلالاته، مقارنة بما تقدمه فعليا الولايات المتحدة الاميركية الى اسرائيل.
نحن امام امر حساس حقا، لان الرئيس ترامب، سيحاول تنفيذ تعهداته، وسيصل الى الدرجة التي يريد فيها مواصلة الدعم المالي والعسكري، ونقل السفارة ايضا، لكنه امام نصائح اطراف كثيرة، قد يؤجل الامر، ويلجأ الى تقديم تعويضات سياسية ومالية لاسرائيل، فنحن ندفع الثمن في كل الاحوال.
ملف القدس يجب ان يثار في القمة العربية، وبرغم معرفتنا ان هذا الملف اثير مرارا، وتم اشباعه كلاما وبيانات، الا ان القمة العربية تأتي بعد اسابيع من تولي الرئيس ترامب لمسؤولياته، وهذا يفرض في الحد الادنى، اصدار بيان سياسي عربي واضح ومحدد وارسال وفد عربي لمقابلة الادارة الاميركية الجديدة، لاعلان ثوابت العرب ازاء القدس، هذا اذا لم يتعام العرب اساسا عن كل ملف القدس، لاعتبارات مختلفة.
حشر الادارة الاميركية من باب السؤال حول نقلها للسفارة او لا، تصغير لاصل القصة، اذ ان اصل القصة هي الاحتلال لكل فلسطين، ثم ماتفعله اسرائيل في القدس، بدعم مالي وعسكري من واشنطن، فلا يكون نقل السفارة هنا، الا بمثابة حبة الكرز التي تضعها واشنطن على قالب الحلوى الذي اهدته لاسرائيل؟!.
الدستور