مع الزمن خضعت (القلاية) لتطور غريب وعجيب , هي تشبه التيارات السياسية تماما , فقبل عشرات السنين كان أمي تقوم بفرم البندوره ووضع البصل مع قليل من الزيت , ثم تتركها على النار..دقائق معدودة ونبدأ بالتغميس...كان ألذ من كل شيء , وأشهى من كل شيء..
حين كنت تريد أن تنتج سياسيا عريقا في بلادنا زمن السبعينيات والثمانينيات كانت عملية الإنتاج تشبه , طبخ القلايه...فالزيت وطني من جرش والبصل مزروع في الغور , والبندورة جائت من أرض الشونة..وحتى الزعتر البلدي الذي كنا نضعه مع الزيت كوجبة رديفة , كنا نتباهى بأنه جاء من الضفة وجارتنا أم محمود أحضرته لنا حين..زارت أهلها في الخليل.
الان تغيرت الأشياء , فالقلاية صارت مختلفة..صاروا يضعون معها اللحمة وأحيانا ينثرون فوقها الكزبرة , وفي بعض المرات يضعون صنوبر..وقد شاهدت سيدة أو أمس في مطعم (...) تأكلها بالشوكة , والزعتر البلدي الذي أحضرته جارتنا من الخليل صارت الجبنة الفرنسية بديلا عنه..
زمان كنا نختصر , كل مؤهلات المسؤول بكلمة واحدة وهي (زلمة) وهذه الكلمة تكفي , الان لابد من شهادة منشأ , ولا بد من اللغة والدورات وطريقة عقد الربطة , لا بد من جامعة أمريكية على الأقل..
كل شيء تغير طعم القلاية تغير , والسياسة حتى السياسة صارت بلا مذاق وقد قررت أن أتعاطى السياسة بالشوكة والسكين , تماما مثل السيدة التي شاهدتها في (...) أول أمس تتعاطى القلاية بالشوكة...
بقيت وحدي في هذا الوطن من يغمس الكلمات مثل تغميسه القلاية تماما..
Hadi.ejjbed@hotmail.com
الرأي