التعديل الحكومي .. قراءة غير متأنيةد. صبري ربيحات
16-01-2017 02:27 AM
لم يكن التعديل الذي اجري على حكومة الدكتور هاني الملقي مفاجئا في التوقيت ولا في الضرورة لكنه كان صادما في طبيعته وحجم الذين غادروا الفريق ونوعية وخلفيات الوزراء الجدد العلمية والعملية وسماتهم ومواقفهم والرسائل التي يحملها التعديل لكافة الجهات والصحافة والنخب والمهتمين. فالتعديل غلى الحكومة اصبح استحقاقا لا يمكن للرئيس والجهات المعنية بادارة المشهد تجنبه وذلك لعوامل يتعلق بعضها ببنية الفريق, ويرتبط بعضها الاخر بالاحداث والازمات التي تراكمت مؤخراً اضافة الى المطالبات النيابية والى الكيمياء المتضادة لاعضاء الفريق والتي بدت انها تتفاعل باتجاه ينذر بالانفجار. فللمرة الاولى ومنذ ستينيات القرن الماضي يلحظ المتابع وجود خلافات واضحة وغياب للتنسيق بين اعضاء الفريق يتجاوز الرأي والإجتهاد ليصل الى التعبير العلني عن الاحتجاج في العلن بضرب الطاولة واظهار عدم الرضا كما حصل في جلسة مجلس النواب التي طلب فيها نائب الرئيس للخدمات تاجيل التصويت على اقتراح طرح الثقة بوزير الداخلية واعتراض الاخير على المقترح. حالة اللا انسجام ليست طارئة على الفريق ولا على الحكومات السابقة فهي عامة وموجودة في كل الاوساط ومعظم المؤسسات لكن الجديد هو استعداد البعض للذهاب ابعد من ان يختلف في الرأي الى التعبير عن ذلك امام عدسات التصوير وخارج غرف الاجتماعات, فقد سبق وان صرح نائب الرئيس للشؤون الاقتصادية بأن تغيير المناهج جاء للحد من كثافة المواد والامثلة التي تغذي التطرف ليرد عليه نائب الرئيس للخدمات وزير التربية بأن المناهج لم تعدل لهذه الغاية وان الوحيد المخول بالتصريح حول المناهج وشئوون التعليم هو وزير التربية مثنيا على اسرة زميله وعلى والده ودوره وكأن الوزراء لا يحملون رؤيا مشتركة وينفذون سياسات موحدة. العمل على ايجاد خارجية بوزيرين ارسل رسالة ملتبسة للوزراء المعنيين ولفت الانتباه الى وجود ما يستدعي اصدار نظام وتعليمات تُعرف صلاحيات كل منهما وفتحت الباب لتكهنات عديدة حول علاقة الرئيس بنائبه للشؤون الخارجية والمغتربين الذي يعمل على ملفات متشابكة تتابع من الحكومة وسائر اركان الدولة ومؤسساتها الاخرى, كما اثار المجيء باربعة وزراء من العقبة ( الصعوب وارشيدات ومنصور وعناب ) تساؤلا لدى النخب حول اذا ما تعجل الرئيس في التشكيل واعتمد على ماهو متيسر من المعارف والاصدقاء, خصوصاً وان معظم اعضاء الفريق الاخرين كانوا من بين الاشخاص الذين عرفهم الرئيس شخصيا من خلال المواقع التي عمل فيها او الاعيان و الجمعية العلمية الملكية وخليفته في القاهرة مما اثار شهية البعض ليتسائل عن مدى احاطة دولته بتركيبة المجتمع والمعرفة بالنخب الواقعة خارج دوائر التماس المباشر. ومع كل هذا راهن الكثيرون - وانا منهم - على ان ينجح الرئيس في وضع خبراته الاقتصادية والعلمية والتفاوضية و السياسية في تعظيم عوائد مؤتمر المانحين الذي انتهى بإعلان استعداد البعض لتخفيف اشتراطات قواعد المنشأ وبالطلب الى الدول المستقبلة للاجئين السوريين التقدم باقتراحات لمشاريع تستوعب العمالة السورية وتحسن من الاوضاع الاقتصادية للمجتمعات المضيفة وهو ما تحدثت عنه الحكومة السابقة دون تحقيق الكثير على أرض الواقع.
لقد استهلت الحكومة اعمالها بزيارات ميدانية لمناطق ومحافظات غابت عن اجندة من سبقه فبعث اهتمامه بالناس وقضاياهم وصدقه وطيبته شيئا من التفاؤل في النفوس قبل ان تطفو على السطح بعض المشكلات التي اخذت توتر الاجواء, فقد بدأ الناس يتسائلون عن مصير صندوق الإستثمار الاردني - السعودي الذي جرى اقرار تشريعه بلمح البصر, ووعد الناس من خلال تصريحات عرابهِ بالسمن والعسل, وطفت الى السطح تساؤلات حول مدى الجاهزية والاستعداد للتعامل مع الطوارئ والوقوف في وجه التهديدات الامنية كما اثيرت الاسئلة حول المناهج المدرسية وعودة احداث العنف الى الجامعات وجرى رفع رسوم التنازل عن ملكية السيارات والغاء اعفاءات الشقق التي تقل مساحتها عن 120 متر اضافة الى الإعلام واحداث الكرك وغيرها من القضايا التي تفاقمت تداعياتها وسط تجاهل حكومي او ضعفٍ في الاشتباك مع المشهد. مع عودة النواب وحاجة بعضهم الى استثمار المارثونات الخطابية للظهور جرى تصعيد جديد القى بثقله على الحكومة وتسارعت رحلة التأزيم الذي دعى الى الاسراع في التعديل. الجديد في التعديل الحكومي هو الاطاحة باركان الحكومة الاربعة بصرف النظر عن الحقائب والاختصاص اضافة الى التخلص من اكثر عضوين في الفريق حسبا على الرئيس وهما نائبه ابان كان رئيسا لسلطة العقبة يوسف منصور وزميله محافظ العقبة فواز ارشيدات. هذا النمط من الادارة ليس غريباً على الدكتور الملقي فالرجل مثل البحر يكون هادئاً احياناً لكنه سرعان ما يتحول الى عالي الموج فقد احال ما يزيد عن (10)سفراء الى التقاعد إبان استلامه حقيبة الخارحية في عام 2005.. ولم يتردد في التعبير عن موقفه في أحد المؤتمرات العربية ولا اظنه يتباطىء او يخشى اتخاذ القرارات الصعبة حتى وان بدى سلساً احيانا. مع احترامي الشديد لكل اصحاب المعالي الذين غادروا والذين انضموا الى فريق الملقي اعتقد دائماً ان كل من يُكلف بموقع عام يحاول ان يعطي افضل ما لديه ان لم يكن للمصلحة العامة فليثبت لنفسه والاخرين بانه قادر على احداث الفرق في الواقع ... بعيدا عن كل ذلك فقد خسر الفريق الحكومي خبرة ودراية ومهارة ناصر جودة في التعامل مع ملفات الاردن الشائكة وقد كان الرجل يعمل بصمت ويتلقى نيران النقد والتجريح من مختلف الجهات بما فيها الصديقة . لناصر جودة الذي اكتسب قيمه المهنية في مكتب الامير الحسن منذ التحاقه به في الثمانينيات من القرن الماضي وصقلها في تجربته الاعلامية والسياسية لاحقا فهو رجل حاد الذكاء وله سمتٌ مختلفٌ عن الكثير من أقرانه, قلقٌ للحد الذي يدفعه لاستدعاء قدراته الكامنه وغرائزه وفطنته وتوظيفها في الاستحواذ على الموقف اذا ما كان راغبا في ذلك, يتمتع بعلاقات دولية واسعة فهو يعرف كل من يعمل في السياسة والدبلوماسية الدولية على مستوى الوزراء والسفراء والمسؤولون الامميون في هذا العالم. كما خسرت الحكومة وجود نموذج محمد الذنيبات الذي اراد في الموقع الاخير ان يثبت ان بامكانه انجاز عمل مميز بعد ان طاف على عدد من الحقائب الوزارية خلال التسعينيات ومطلع الالفية الثالثة شملت حقائب التنمية الادارية, والثقافة, والبيئة , والشؤون البرلمانية قبل ان يحل في التربية والتعليم ويولي الامتحانات وادارتها جل اهتمامه ولو كان ذلك على حساب الجوانب الاخرى للعملية التربوية التي شهدت تراجعاً حسب الاختبارات الدولية. لقد كسب الدكتور الذنيبات رضا شعبيا في جانب وخسر في جوانب اخرى لكنه قدم نموذجا لكيف يمكن ان يسهم التركيز ووضوح الهدف في تحقيق نتائج غير متوقعة. اتمنى ان يستفيد الاردن من تجربة الذنيبات الرقابية وان يسند له ملف مكافحة الفساد في الاردن ليطبق ما قام به في وزارة التربية والتعليم على الفاسدين والمرتشين والغشاشين في مؤسساتنا الأخرى في بلادنا.. في قاعة القادمين يشكل دخول ممدوح العبادي اضافة نوعية للدبلوماسية الداخلية فهو شخصية جماهيرية منفتحة على اطياف المجتمع وقادرة على الاقناع والتأثير دون عناء ولممدوح افكار ومقترحات مهمة في تطوير السياحة وخدمات الضيافة والبنى التحتية, وربما يعمل العبادي على اسناد العديد من الوزارات ويدير مطبخ للسياسات الحكومية ذات الابعاد المتعددة. كما قد يكون لخبراته البرلمانية ومعرفته الواسعة بأطياف المجتمع دورا في تقريب الحكومة من النواب والصحافة والناس كنت اتمنى ان ارى ممدوح العبادي وزيرا للسياحة. لا اعرف كيف ستستقبل اسرة التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز الذي يحمل فكراً تنويرياً ورغبةً في قيادة التغيير كما يحظى بتأييد ودعم العديد من المصادر والجهات الرسمية والشعبية, فهو...فالتربية ميدان واسع معقد يتسم بالمحلية التي قد لا يتقن مخاطبتها الرزاز فهو شخصية دبلوماسية هادئة يملك قدرات استثنائية في التخطيط واعداد الاستراتيجيات لكن التربية تحتاج الى اشتباك يومي مؤثر ومزج للخطاب الحداثي مع التقليدي الذي قد لا يتقنه الرزاز. الخبرة الاعلامية وسعة الاطلاع على المشهد العالمي عناصر قوة يمكن ان تسهم في انجاح مهمة ايمن الصفدي اضافة الى مخزون معرفي اكتسبه طوال سنوات العمل في الديوان الملكي ومراكز الابحاث التي عنيت بمتابعة التحولات الاقليمية والتنبؤ باتجاهاتها. بقي القول ان دخول غالب الزعبي بخبرته التنفيذية والامنية والتشريعية ستشكل اضافة نوعية للفريق وقد يعمل بالتعاون والتنسيق مع ممدوح العبادي على بناء جسور من الثقة مع مجلس الامة مما سيقلل من فرص التأزيم الذي كان ملمحاً من ملامح العلاقة بين السلطتين في الاشهر الماضية. في وجود كل من بشر الخصاونة وحديثة الخريشة ضمن الفريق الوزاري اضافات مهمة أولها من خلال امكانية تبني الحكومة منهجا موحدا في دراسة وصياغة التشريعات التي تساعد على تأطير السياسات الحكومية ورفع كل اوجه التعارض والتناقض بينها,,,,, خصوصا اذا ما جرى توظيف خبرة ودراية ومهارات الوزير في ترشيد القرارات وربما تغيير في صياغة مشاريع القوانين والخروج بها عن الصياغة التقليدية الراهنة.
الصدمة في التعديل ان الرئيس كرس المناسبة ليعيد هيكلة الحكومة فتتحول من حكومة بثلاثة نواب الى حكومة بلا نواب . ومن حكومة تبشر بنهضة اقتصادية من خلال طاقم اقتصادي ممن اشبعونا تنظيرا الى حكومة تقول انها ستعالج الملف الاقتصادي بدون الفريق الذي استبعد اثنين من اركانه, وحكومة برهن رئيسها قدرته على اتخاذ قرارات مفاجئة وصعبة من خلال اجراء جراحة مفصلية لحكومة حديثة التشكيل. السؤال المطروح على الرئيس يتمثل في ....اذا كان للحكومة ان تمضي بلا نواب لرئيس الوزراء وبلا وزير خارجية مخضرم وبلا فريق اقتصادي متكامل, فهل لنا كدولة وموازنة ان نمضي بدون الهيئات المستقلة والشركات الحكومية وجيوش المفوضين في المناطق التنموية وغير التنموية؟ اما السؤال الاكبر الذي يراود الملايين من المواطنيين واللاجئين فيتعلق بالأثار المحتملة لهذا التعديل على مسيرة البلاد اي هل بمقدور الفريق الجديد ان يجترح حلولاً لمشكلاتنا المزمنة ؟ ام ان القضية تنحصر في استبدال أشخاص مكان غيرهم من اجل تحقيق الوفاق وفض النزاع......في السؤال الاخير زبدة القول.... فالحاجة اكثر الحاحا لمعرفة مصير المديونيةوالاسعار ومكافحة الفساد والدعم العربي والتعدينالذي جرى الحديث عنه مؤخرا ؟ و ما مصير قضايا المواطنة والحريات والاصلاح السياسي؟ كل هذه الاسئلة والعشرات الاخرى هي التي تبحث عن اجابة....اما التعديل فهو حدثٌ جرى وسينسى خلال ايام.....مع اطيب الاماني للجميع والسلامة للمغادرين والقادمين. |
اتفق معكم معالي الدكتور بمعظم ما تفضلتم به ، الا انني اختلف معكم بالنسبة ناصر جوده ، فقذ اخذ السياسة الاردنية منذ تسلمه الوزارة الى المجهول ، و ضيّع كلمة الاردن و حضوره على الصعيد العربي و الدولي .و لولا علاقات جلالة الملك حفظه الله مع زعماء العالم لكانت سياستنا الخارجية و علاقاتنا الخارجية في اسوآ حالاتها .اتخذ مواقف مغايرة لمصلحة الاردن معتمدا على نصائح سفراء اجانب ، و بالتالي خسر الاردن الكثير في سياسته الخارجية . ازاحته من وزارة الخارجية كان قرارا حكيماً و لمصلحة الاردن في الداخل و الخارج
والله يا دكتور هالوزاره زي ما قال الكردي : مش بنت معيشه واذا ما بتعرف القصه خبرني اخبرك اياهها ... وكما قال المثل صمنا وافطرنا على ....
الوزراء اللي راحوا اكفا من اللي ادوا لكن هالتغيير مش لمصلحة البلد بل هو لمصلحه فردي شخصيه
ويا ويله اللي اسندت له الامانه ولم يقم يواجبها .... ويرحم ايامك يا نسور -
ابدعت
التعديل غير مفاجئ لأحد بالرغم ان التعديل على حكومة تم تشكيلها منذ فترة بسيطة هو غير مقبول لأنه يعني أن دولته لم يكن موفقا في اختيار الفريق وهذه مسئوليته بالدرجة الأولى.الأصل في اختيار الفريق هو المهنية والكفاءة حتى لو كانوا من قرية واحدة.الفشل يبرره المحاصصة والمناطقية و...الخ.وفي المقابل لا مبرر للفشل إلا الضعف في الأداء والقدرات.خسرت الحكومة الذنيبات وياليتها عوضته بقامة تربوية ومن داخل الأسرة التربوية.هناك مفاهيم تربوية لا يمكن تطبيقها او ممارستها من خلال مخطط استرتيجي او اقتصادي.
يكفي وزير التربية والتعليم التعاطى إيجابياً مع متطلبات هيئات منتخبة سارية ذات علاقة أي مجلس النواب ومجلس نقابة المعلمين خاصةً في قضايا حساسة كالمناهج المدرسية خاصةً ما يتعلق بقيمنا الدين والمجتمع، والتصدي لمحاولات للمس بعقد الأردن الاجتماعي المستند لقيادة هاشمية جيدة أمينة على مبادىء ثورة عربية كبرى مستندة لثقافة عربية إسلامية، والتصدي لمحاولات التدخل بذلك من قبل أي جهة داخلية غير منتخبة بمجلس نواب حالي أو بمجلس نقابة معلمين حالي واستبعاد الجهات المانحة والجهات الأممية عن التدخل بذلك بأي شكل.
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة